تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
1454 كلمة 10 دقيقة
أتمتة الأعمال تعني تقننة العمل أو استبدال ما يمكن استبداله من خطوات العمل بتوظيف التقنية بدلا من استغلال موارد بشرية
أقرب مثال مثلا جهاز الفاكس أو حتى جهاز الموبايل فعند طلبك أحد للاتصال به وكان رقمه مشغولا فانه يعاود الاتصال بعد فترة بنفسه حتى يتم الاتصال بالشخص المطلوب و بعدها يقوم بإعلامك بنغمة أو يتم إرسال الفاكس, ففي هذه الحالة أراحك من الوقوف و المحاولة عدة مرات حتى تجد إجابة من الطرف الأخر.
طبعا هذا مثال بسيط ليوضح الفكرة و لكن إذا أردت أن تأخذ أمثلة أكبر فيمكنك مراجعة كل شيء حولك فسوف تجد أن التقنية قامت بمحل البشر لا تمام عمليات معروفة مثلا في المصانع و البيوت و حتى في الطرق بالنسبة لإشارات المرور , و لي قصة و تجربة جميلة مع أحد أصدقائي بهذا الخصوص أتت ثمارها أحب أن أشارككم فيها .
قبل حوالي العاميين كانت لي تجربة مع صديق يعمل لحسابه الخاص في مجال توزيع المواد الغذائية بالمفرق على محلات البقالة و ذلك عن طريق امتلاكه لمستودع صغير عبارة عن غرفة في منزله و سيارته الميني فان (سيارة نقل صغيرة مغلقة), أساس عمله يقوم على شراء المواد الغذائية بالجملة (كرتون أو دستة) ليضمن حصوله على سعر منخفض ومن ثم يقوم بالدوران على محلات البقالة الصغيرة و المطاعم و البوفيه و يقوم بتوزيعها عليهم بسعر جيد بالنسبة لهم , لان هذه المحلات لا تستطيع أن تشتري بالأجل (بالدين) من الموزعين الكبار و كذلك الحال فان توزيعها للمواد سوف يكون محدودا ,و لربما إن غامر صاحب المحل بشراء كرتون من المواد الغائية و لم يستطع تصريفه (بيعه) خلال مدة فأنه سوف يخسر الكثير مقابل المواد التي انتهت صلاحيتها , و لذا تحتاج هذه البقالات إلى سعر أكثر بقليل من الجملة و بالطبع أقل من سعر البيع لتضمن حصولها على هامش ربح من المستهلك النهائي.
هذا الهامش الربحي الذي يقع في المنتصف ما بين سعر الجملة و سعر البيع لمحلات البقالة (إعادة التوزيع) هو الربح الذي يكسبه صديقي, و في أحد الجلسات ما بيني وبين صديقي اشتكى لي حال ارتفاع أجارات المساكن و أن مالك الشقة التي يسكن فيها هو و زوجته و أطفاله قد ارتفع أجارها 40% أي بمقدار (8000) ثمانية ألاف ريال سعودي مما يضطره للانتقال إلى منزل أصغر , و هذا قد يجعله يخسر الغرفة الإضافية التي كان يستخدمها كمستودع لبضاعته و بأن عمله لم يعد مربحا كما كان و بأنه أصبح يتعب في موضوع التوزيع و تحصيل المبالغ من المحلات و غيرها من الأمور المتعلقة بعمله , و كالعادة أتاني سؤال مباغت (هل في راسك مشروع نقدر نسويه سوا) طبعا هذا السؤال وجه لي من بين العديد من الحضور لأني كنت مشهورا بمحاولاتي الكثيرة في إنشاء المشاريع الخاصة و التي كانت تعد تجارب و خبرات يمكن للجميع الاستفادة منها.
أول ما تبادر لذهني عندما سألني و لكي لا أخفيكم سرا هو موقع انترنت للبيع الالكتروني , و لكني طردت الفكرة بسرعة من رأسي لان هذه الفكرة أتت بسبب تعلقي في مجال التقنية , و عندها بدئت في سؤاله عدة أسئلة عن طبيعة عمله لكي أفهم هذا العمل أكثر و لربما كان هناك مجال لتطوير الفكرة لتصبح مشروعا اكبر.
بعد فهمي لطبيعة العمل خلصت إلى عدة نقاط أهمها أسباب استياء صاحبي من عمله مؤخرا و الأهم أين هي نقاط القوة و نقاط الضعف و بدئت في سردها له:

  • المشكلة الأولى عندما كان في بدايات عمله كان ما زال شابا و متحمسا و لم يكن يقوم بالتوزيع في مناطق كثيرة بالإضافة إلى قلة المنافسين و الأهم هو أن الدخل كان يعتبر جيدا جدا له في ذلك الوقت بالنسبة لحاجاته و عدم وجود الكثير من المسؤوليات عليه

  • المشكلة الثانية و الأكبر التي يواجهها هو الجرد و الحسابات و الفواتير و التي طالما أخذت منه الوقت الكثير بالإضافة إلى أن هناك الكثير من الأخطاء التي قد يقع بها و التي تكلفه الكثير من الخسائر المادية , فبالنسبة لصغر حجم عمله لا يوجد هناك هامش للخطاء يمكن أن يساهم في التعويض.

  • المشكلة الثالثة أنه لا يعلم عن المدة التي يحتاجها كل محل للبقالة لبيع بضاعته مما يضطره للمرور على جميع المحلات كل فترة للتأكد من عدم احتياجهم إلى أي مواد جديدة لان أصحاب هذه المحلات عادة لا يتصلون بالموزعين لان هناك منافسة كبيرة في هذا المجال و إن لم يـأتي هذا الموزع فسوف يأتي غيره عشرة موزعين و خصوصا أنه لا يوجد فرق ملموس بينهم بالأسعار و لا أي قيمة مضافة تميز موزع عن غيره

الحلول التي اقترحتها كانت بأتمتة العمل لحل المشكلة الثانية و الثالثة و وضع استثمار بسيط لحل المشكلة الأولى و مشكلة غلاء إيجار منزله و اضطراره للانتقال إلى منزل أصغرحلول أتمتة العمل المقترحة :

  • هي استخدام تقنية الباركود و تطبيق بسيط يعتمد على قواعد البيانات لإدارة عمله الصغير و بما انه يملك جهاز حاسب آلي و طابعة فكل ما يحتاجه هو جهاز قارئ بار كود متنقل و قد وجده بسعر تقريبي (500) دولار أمريكي.

  • و قمت ببناء تطبيق سريع له بواسطة قواعد بيانات Access يقوم بواسطته بتعريف المحلات و بيانات كاملة عنه (عنوان – طرق اتصال – اسم المالك و بالطبع اسم المحل و ملاحظات شخصية على كل محل) و جدول أخر لتعريف كامل بيانات المواد الغذائية (اسم المادة سعر الشراء و سعر البيع و الوكيل) و التي يقوم بتسويقها و ربطها بكود المنشأ (كل شركة تملك رقم باركود فريد لكل منتج من منتجاتها على مستوى العالم) و عندما يقوم في المرة القادمة لزيارة هذه المحلات التي يقوم بالتوزيع لها سوف يقوم بطباعة ملصق باركود (مخصص له و يحمل اسمه و رقم المحل في قاعدة بياناته هو) لكل محل على البوابة الداخلية للمحل

  • وفي كل مرة يقوم بها بزيارة هذه المحلات لاحقا سوف يقوم بأخذ رقم الباركود الخاص بالمحل بواسطة جهاز قارئ الباركود المتنقل أولا و من ثم يقوم بأخذ أرقام كل المنتجات التي باعها لهذا المحل و كـأنه يبيع في محل سوبر ماركت كبير

  • و عندما يعود للمنزل سوف يقوم بتفريغ هذه البيانات داخل البرنامج المصمم له في جدول خاص بعمليات المحلات كل محل و المواد التي أخذها (هناك فرق بين بداية كود المحل و الأكواد الأخرى لكي يفهم البرنامج أن هذا رقم محل بقالة جديد)
الفوائد من هذه العملية البسيطة:

  • حصر المحلات و أخر زيارة تمت لها و ما هي سرعة تصريف (سحب) المواد لديها

  • إمكانية طباعة فاتورة و عمل دفاتر حسابات مفصلة و غير مغلوطة و طباعة الإجمالي للمساعدة على التحصيل

  • و بناء على مبدءا باريتوا وجدنا و بعد تحليل البيانات الخاصة بـ 6 أشهر أن 68 % من المحلات تستهلك ما مقداره 29 % من توزيعه و إن الباقي و ما مقداره 32 % من المحلات تستهلك ما مقداره 71% من توزيعه , فأول اقتراح مني له أن يستغني عن 68% من المحلات التي تأكل كل وقته (لكي يريح نفسه من التعب) و الالتفات لإيجاد مراكز جديدة أو تقديم خدمات أفضل لمن هم ضمن الـ 32% التي تستهلك الكمية الأكبر و ذلك للحصول على حصة اكبر و في حال أصر على أن لا يفقد أي عميل له ,فعليه التفكير في إيجاد موظف جديد يساعده بخدمة هذه الفئة مقابل راتب شهري تستطيع مبيعات هذه الفئة أن تغطيه , و طبعا كان المبلغ التي تغطيه هذه الفئة أعلى قليلا من راتب هذا الموظف و بهذا استفاد من طاقة بشرية جديدة لمشروعه دون أي خسارة لمصدر دخله و بهذا يستطيع رفع كفاءة العمل لديه ,فقديما كان يقوم بمتوسط 10 زيارات يوميا لمحلات البقالة ,أما الآن بسبب سرعة عملية الجرد و التوزيع فيمكن أن يزيد العدد إلى 16 محل يوميا و بوجود طاقة بشرية جديدة لمساعدته يستطيع تغطية 20 زيارة يوميا و هذا يعني بالتأكيد ربح اكبر بمقدار 100%.

  • الحل الأخر لموضوع المستودع هو باستئجار محل بقالة يكون كبير نسبيا و يقوم باستغلال نصفه أو أكثر من مساحته كمستودع و النصف الأخر كنقطة بيع (محل بقالة) و بهذا يستطيع أن يسدد إيجار هذا المستودع و راتب البائع الموجود بالبقالة من دخل مبيعات محل البقالة بما أن هامش الربح سوف يكون اكبر لعدم وجود وسيط بالمنتصف بما انه هو الموزع و البائع في نفس الوقت , و كذلك بانتقال المستودع إلى محل تجاري يستطيع الموظف الجديد الذي يساعده بالتوزيع أن يحصل على البضاعة بأي وقت دون اختراق خصوصية منزل صديقي.

طبعا الموضوع استغرق حوالي سنتين لإتمام كل ما تناقشنا به و لو لم يكن صديقي من الأشخاص الجديين و المثابرين لما نجحت استشارتي له و لكن كل ما قدمته له كان نقاط لربما غابت عن باله وهو من قام بالتنفيذ ليسطر قصة نجاح أخرى
و مؤخرا قد قمت بتقديم مشورة أخرى له في وذلك بعمل تحليل لأي المواد التي يبيعها أكثر طلبا و أن يقوم بعمل تدوير للمواد حال اقتراب انتهاء صلاحيتها من الأماكن ذات السحب الأكبر إلى الأقل و بهذا يضمن تصريف البضاعة التي قاربت على انتهاء صلاحياتها في مراكز التوزيع ذات السحب العالي و بهذا يقدم قيمة مضافة لمحلات البقالة لكي لا يخسروا أسعار هذه المواد ,
بالإضافة إلى إضافة قيمة مضافة أخرى تتمثل بوضع استيكرات التسعير النهائي بجهاز يدوي مخصص لهذا الأمر على كل قطعة من المواد الغذائية بأرقام عربية و انجليزية و يكون هذا الملصق الصغير لونه أخضر فسفوري يفيده من ناحية لمعرفة بضائعه من غيرها في المحل المنشود و ما إذا كان هذا المحل يحصل على نفس المواد من موزعين آخرين بالإضافة إلى انه قام بإعطاء قيمة مضافة لصاحب البقالة في إراحته من عمل هذا الشيء بنفسه أو اضطراره للرد على سؤال الزبائن على السؤال المشهور (بكم هذا )