منذ حوالي الأسبوعين اتصل بي صديق من أحد الشركات الكبيرة عارضا علي العمل معهم في هذه الشركة و قد كنت رفضت مرارا وتكرار أي عروض كانت تقدم لي ,لأسباب كثيرة أهمها عدم وجود نفسي في المكان الجديد , أي أني قد لا أستطيع أن أقدم ما أقدمه في مكان عملي الحالي , و لكن العرض هذه المرة كان لا يقاوم ,فقد كان ضعف ما أحصل عليه حاليا , ولم أستطع التغاضي عن التفكير بهذا العرض , حتى أنه أقلقني جدا , فقلت لنفسي لما لا أجرب و أقوم بمجاراته و ذلك بعد صلاة الاستخارة ,و عندها طلب مني صاحبي سيرتي الذاتية لتقدم للجنة التوظيف كإجراء شكلي , عندها فعلا ارتبكت فلم أكن أملك سيرة ذاتية و أخر مرة أذكر أني قد قمت بتحديث سيرتي الذاتية كان منذ سنوات في موقع بيت للتوظيف . لم أستطع أن أعترف بأني لا أملك واحدة و لكني وعدته بأن أرسلها في أقرب وقت .
عندما عدت للمنزل بدئت في التخطيط لشكل سيرتي الذاتية و تذكرت أهم نقطة ألا و هي ,على سيرتي الذاتية أن تترك انطباعا قويا عني ,أو على الأقل عليها أن تترك فكرة عما أستطيع تقديمه , و لمدة ساعة كاملة باءت كل محاولاتي بالفشل في الوصول للشكل النهائي لسيرتي الذاتي, بعدها تذكرت بأني قد قمت منذ سنوات طويلة ببناء برنامج يقوم ببناء السير الذاتية ,فلعله يفيدني , و بدئت رحلة البحث عنه و ضاعت ساعة أخرى في البحث , وعندما وجدته كان بدائيا لا يصلح لشيء سوى أنه كان مبنيا على أقسام متعارف عليها في السيرة الذاتية , و عندها بدئت في بناء سيرتي الذاتية مستعينا بما يقدمه هذا التطبيق, عندها عادت لي ذكريات المعاناة السابقة عندما بدئت في رحلة البحث عن عمل لأول مرة , و ما واجهته في إعداد سيرتي الذاتية , ومرت علي معانات أصدقائي الذين كانوا يستعينون بي لمساعدتهم في بناء سيرتهم الذاتية , فقررت أن أقوم بإكمال بناء التطبيق و توزيعه بالمجان , و المفاجأة كانت بأني قد قمت بإنهاء برمجة التطبيق بشكل أسرع من بناء سيرتي الذاتية و قمت بترك مهمة بناء سيرتي الذاتية لهذا التطبيق : )
التطبيق حاليا تحت الاختبار و سوف يكون جاهز للتحميل بإذن الله في نهاية الأسبوع الحالي و سوف يتم الإعلان عنه في موضوع منفصل
و إليكم بعض الدروس التي تعلمتها في رحلتي للبحث عن عمل
الانطباع الأول
أن أؤمن جدا بما يتركه الانطباع الأول (first impressions) لدى الجميع و خصوصا بعد تجارب كثيرة مررت بها بحياتي لم أكن ألقي لموضوع الانطباع الأول أي بال , فأذكر أني قد ذهبت لمقابلة عمل ,و أنا أقرع (بدون شعر) و أحمل في يدي (كوز بوظة/مثلجات) كنت قد اشتريته من محل (كون زون) و الذي كان أمام الشركة بعد أن اضطررت للانتظار طويلا في حر الصيف لأتمكن من عمل المقابلة , و بالطبع مصير هذه المقابلة معروف : ) فأنا أضع نفسي ألان في مكان ذلك المدير , و لن أقبل بي كموظف لنفسي : )
كنت أؤمن بأن الشخص يقاس بعلمه و عمله فقط , و أن المظهر لا يهم , و لكني اكتشفت عكس ذلك , فالناس تحكم عليك أولا بمظهرك قبل أن تتحدث أو يعرفوا من أنت , و أذكر هنا قصة لمقابلتي لمدير تقنية المعلومات البريطاني في شركة مكس وهي من أوائل الشركات الأجنبية الكبيرة التي عملت في مجال التجزئة و قد كانوا في حاجة ماسة لربط طابعات الباركود مباشرة في النظام الخاص بهم و لكنهم لم يجدوا من يستطيع أن يساعدهم في ذلك , و بعد أن تقابلت معهم و قمت بالدخول على النظام علمت أن حل المشكلة في التفكير (خارج الصندوق) أي ليس من المفروض أن أقوم بالتعديل على النظام نفسه ليقوم بالطباعة , فما دام لدي وصول لقاعدة البيانات فباستطاعتي بناء تطبيق صغير يقوم بسحب البيانات من قاعدة البيانات مباشرة و يقوم بالطباعة دون الحاجة للتعديل أو الإضافة على التطبيق الحالي , و بعد الاتفاق معهم على المبلغ الأولي (5 ألاف ريال) قام المدير بمرافقتي للخارج إلى مواقف السيارات و عندما هممت بركوب سيارتي – كابريس 79 أو بما يسمى تسعاوي – هيئ لي أني رأيت نظرة اشمئزاز منه , لم ألتفت إليها أو أفكر بها , و أنا في طريق العودة و قد بدء بالتخطيط في أماكن صرف هذا المبلغ (سكانر – طابعة – كاميرا رقمية .... ) و بيد أني في هذا الحال من الأحلام و ردني اتصال من المساعد الخاص به و الذي كان معنا أثناء المقابلة و كانت كلاماته غريبة غير مفهومة بسبب لكنته العربية المتكسرة فلقد كان من (دول المغرب العربي) و لم أعتد أن اسمع لهجة هذه البلاد سابقا و لكني فهمت منه بأن العرض قد ألغي و بأنه يعتذر عن إضاعة وقتي و انتهت المكالمة بصدمة !
بعدها بمدة لعلها سنتين أو ثلاث – لست متأكدا – كنت في اجتماع في برج المملكة مع أحد الشركات و إذ بهذا الشخص (المغربي) كان أحد الحضور , و بعد نهاية الاجتماع قمت با السلام عليه و تذكيره بنفسي و بعدها سألته عن سبب ما حصل بخصوص رفض الحل الذي قدمته , فكان الجواب كالصاعقة
الصاعقة الأولى , كانت بأنهم لم يجدوا من يقوم بعمل النظام لهم , إلا بعدها بعام كامل ,حتى تكرمت الشركة المصممة للنظام ببناء إضافة مخصوصة لنظامهم , والذي كلفهم بالمناسبة الشيء الفلاني على الأقل (60) ضعف ما طلبته , و كان الخبر الثاني أقوى لأنه أكد لي سبب الرفض ألا و هو الشك بمقدرتي , بحسب ما ذكر فأنا ذكرت مبلغ (سخيف على حد قوله) لتقديم الحل الكامل و قد كلفهم ضعف ما طلبت على الأقل كتكاليف فحص فقط عندما زارتهم شركات أخرى, و السبب الأخر والذي أكد شكوكه (المدير البريطاني) هو سيارتي القديمة المتهالكة , فتفكيره الضيق قاده إلى أني لو كنت أعلم فعلا ماذا أفعل فعلى الأقل كنت أملك سيارة أفضل من هذه !!
الدرس الأول: قدم إثبات لقطع الشك باليقين
في قصة مشابهة حصلت بعدها ببضع سنين, فلقد كانت تقريبا شبيهة فالشركة كبيرة و المشروع كبير و المدير أجنبي و بعد زيارة لم تتعدى الساعة قمت بتقديم الحل السحري لهم و هو تغيير شاشات النظام من اعتماده على (ORACLE Form) إلى (ASP Form & ORACLE DB) مع مراعاة إمكانية الانتقال و التغيير في الوقت المتبقي لهم و هو 20 يوم فقط ! وبسعر رخيص جدا جدا كنت أحتاجه فقط لأكمل مصاريف زواجي : ), طبعا لو كنت قد خرجت كما الحال مع القصة السابقة , فقط بذكر الحل السحري , لكنت على الأغلب قد تلقيت نفس الاتصال و الذي ينتهي بالاعتذار , إلا أني هذه المرة تركت لهم الخيار في إمهالي إلى اليوم التالي لعمل نموذج (Prototype) ليجربوه , قد و كان هذا المدير عملي , فقام بتكليفي بأحد الشاشات , التي تعتبر متوسطة (ليست بالمعقدة و ليست بالسهلة), بالطبع حضرت باليوم التالي و قمت بعمل التجربة أمام المدير و كنت أعتقد أن كل موظفي القسم البالغ عددهم تقريبا 15 شخص كانوا فوق رأسي ينظرون باستغراب لهذا السحر : ) , بالطبع نهاية القصة معروفة فلقد حصلت على هذا العمل و قمت به و لله الحمد
الدرس الثاني: لا تبخل بتقديم عملك على طبق من ذهب
مما استفدته أيضا هو أن هناك مؤشرات تدل على احترافية العمل و خصوصا في نوعية أعمالنا فالبرنامج أو التطبيق غالبا ما يعد أو يخصص بناء على حاجة و طلب العميل و لا يكون جاهزا أو ملموسا وقت عرضه و غالبا ما يحكم العميل على الشكل (واجهة البرنامج) قبل أن يحكم على وظائفه الداخلية هذا إن كان جاهزا أصلا, فهو لا يعلم أنك قد استخدمت (n-tire architecture) أو أنك استعنت بخوارزمية (Reveres loop) قد أصابت بشعرك بعض الشيب ,لتجعلها تعمل دون أن تؤثر في عمل النظام , أو تقوم بإهلاك كامل موارده من الذاكرة , و لكن حتى قبل رؤية العميل للشاشة فأنه يراك أولا و هنا يأتي الانطباع الأول كما ذكرنا سابقا و بعدها يرى ما تقدمه له أو تعرف به نفسك أو كما سأقول , ما هي الطريقة التي تود أن تفرد عضلاتك فيها على عميلك لتريه أنك الأفضل و لتقوم بإيصال رسالة مفادها "أنا الأفضل و عليك أن تتعامل معي بل و عليك أن تنهي الصفقة معي الآن!"
الاحترافية في ما تقدمه من كرت العمل للتعريف بنفسك (Business Card) ثم ملف التعريف بشركتك (Company Profile) متبعا ذلك بعرض (Presentation) للتعريف بمنتجك أو خدمتك , و بالتأكيد لا تنسى أن تتيح المجال لعميلك المحتمل بأن يطلع على المزيد من المعلومات عن شركتك و منتجك عبر موقعك الالكتروني (Website) على الانترنت, و كل ما سبق عليك أن تقدمه على طبق من ذهب و من الضروري أن لا تكن بخيلا في تقديمه في طبق من النحاس
لا أقصد بالطبع أن تأتي بطبق مصنوع من معدن الذهب و تقوم بوضع كل ما ذكرت عليه و تقدمه للعميل و ألا فإن الجميع بل وأنا سوف أكون أول عميل لك : ) , ما أقصده بطبق الذهب هو الاحترافية و الدقة في التقديم و التصميم و العرض و خامات الأوراق و الصور و ما إلى ذلك من الأمور المستخدمة في تصميم هذه المواد
هل ضعت , أين نحن؟
قد يتساءل البعض بأني قد بدئت الموضوع بالسيرة الذاتية و بعدها انتقلت إلى التسويق للشركات ابتداء من الانطباع الأول و انتهاء بعرض ما لديك على طبق من ذهب , نعم أنا ما زلت في نفس المسار فأنت و ببحثك عن وظيفة تمارس بشكل أو بأخر وظيفة مندوب التسويق و المنتج هو أنت أو بشكل أخر هي خدماتك, فكل واحد منا قد مارس وظيفة مندوب التسويق على الأقل مرة واحدة في حياته , فالانطباع الأول (first impressions) هو ملبسك و مظهرك ,كما يفضل دائما أن تقوم بطباعة كرت تعريف شخصي (Business Card) يحتوي على بيانات الاتصال بك و أما عن ملف الشركة فهو سيرتك الذاتية (Company Profile) و بالطبع العرض (Presentation) قد يكون خطاب أو عرض فعلي قد تستعرضه في المقابلة الوظيفية و بالنهاية موقعك الشخصي قد يكون (مدونة Blog) تحكي فيها عن اهتماماتك المهنية و التي قد تساعد في الحصول على معلومات أكثر عنك قد لا يتوفر لها الوقت الكافي في وقت المقابلة
أرجوا من الله أن أكون قد وفقك بهذا الطرح
تاريخ المقال | طول المقال | تتطلب قرائته |
1513 كلمة | 10 دقيقة |