تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
765 كلمة 5 دقيقة

في فيلم (همام في أمستردام) للفنان الكوميدي (محمد هنيدي) والذي كان يحكي قصة الشاب المصري البسيط الذي يحلم في العمل في الدول الغربية لكي ينجح ويستطيع العودة لبلده وتحقيق أحلامه من دفع المهر لعروسه أو شراء شقة أحلامه. بصفة عامة هذه أغلب أحلام العرب الشباب في الهجرة أو العمل في دول أخرى سواء عربية غنية أو أجنبية حيث إنّ الكثير من القيود ستتحرر باعتقادهم وسينتهي بهم الوضع بالغَرف من نافورة الثراء بسهولة أو هذا ما يعتقدونه، حيث إنّهم يخاطرون بحياتهم بالهجرة غير الشرعية ويضعون أنفسهم في أخطر المواقف. هذا ليس موضوعنا ولكن لم أستطع التوقف عن الكتابة.

موضوعي في الفيلم السابق ( همام \ محمد هنيدي) كان لديه هدف بأن لا يترك (أمستردام \ هولاندا) حتى يجمع (واحد يورو) من كل نسمة فيها والتي تقدّر بـ (16 مليون) والفيلم طبعا يريك بأنّه نجح في النهاية.

وما دخل كل ذلك في موضوع تحليل السوق وخصوصا بالنسبة لروّاد الأعمال؟

الموضوع أنّه يمهّد الطريق لموضوع تحديد شريحة السوق لمنتجك؛ كيف؟ عندما يتمّ طلب خطط العمل يكون هناك تركيز على تحديد الشريحة المستهدفة وعليها يمكن أن تقيس أيضا الحصة السوقية أو تقدّرها على أقل تقدير، دعني أشرح هذا المثال ليكون ذلك أقرب إلى الاستيعاب:

مثلا نحن كشركة متخصّصة في التدريب فإننا حدّدنا منتجنا التدريبي وهو متخصص في التطوير \ البرمجة والإعلام الجديد، لذا لدينا أربعة منتجات وهي (دورة برمجة تطبيقات أيفون) و(دورة البرمجة لغير المبرمجين) وسنعلن عن منتج (دورة برمجة الواقع المضاف) قريبا وتليها دورة (برمجة أندرويد) ولن أتحدث عن القسم التالي فليس الهدف هنا التسويق لدوراتنا ولكن لأستطيع الشرح لكم بطريقة عملية ومجربة.

 لو لاحظنا فإنّ دوراتي التقنية هي متخصّصة في البرمجة وهي شريحة تعدّ صغيرة في عالم التقنية؛ يعني لو افترضنا بأنّ عالم التقنية لا يتعدى  الـ (50) مجالا فأنا أمثّل (1) من (50) وهو البرمجة.

لو نظرنا أكثر سنجد بأنّ الدورات متخصّصة أكثر في برمجة الهواتف الذكية وأيضا لو قسّمنا فئة البرمجة إلى (30) قسم فنحن نحصل على حصة (1) من (30) ولو أردنا الدخول بشكل أكبر في تفرعات فسنجد أننا أقرب إلى فرع من فرع من فرع وهذا يكفي لكي لا أجعلكم تضيعوا معي.

بما أنّ منتجنا محدد فله جمهور محدد وبناءً على التفصيل السابق فإنّ جمهوري هو من يودّ أن يصبح مبرمجا أو هو مبرمج أساسا ويودّ الدخول في عالم جديد من البرمجة وهذه الشريحة قليلة جدا ولكن لو أردت أن أحلّلها لكم من الأعلى  فستكون كالتالي:

لدينا في الرياض بضع جامعات فيها أقسام (تقنية) تخرّج كل عام قرابة (10000) شخص -افتراضيا- ولو افترضنا بأنّ من بينهم متخصص في البرمجة هو فقط (20 %) فسيبقى معنا (2000) شخص، ولو افترضنا بأنّ (50%) منهم سيعمل في البرمجة  فيبقى معنا (1000) شخص، ولو افترضنا بأنّ من بينهم (30%) مهتم في التطوير للهواتف الذكية وهذه النسبة المرتفعة بسبب الطلب العالي للسوق الآن فسيتبقى معنا (300) شخص، ولو افترضنا بأنّ منهم من يستطيع الدفع ويودّ تطوير نفسه وهم (50%) فسيبقى معنا (150) شخص فقط.

يعني بكلمات أخرى بأننا لو استطعنا فقط الحصول على واحد ونصف في المائة فقط من عدد الخرّيجين التقنيين في الرياض من السوق فإننا سنكون راضين تماما لتعليمهم منهجين من أصل (4) لدينا وبهذا لو افترضنا بأنّ متوسط قيمة المنهجين هي (5000) ريال للشخص مضروبا في (150) فإننا سنحصل على ما مقداره (750) ألف ريال سنويا وهو رقم جيد بل سيكون ممتازا، ولو وضعته في شريحة تقديمية وعرضتها على مستثمر لأقنعه بموقفنا.

الآن لنقوم بنفس التحليل ولكن من الأسفل وهو التحليل الواقعي في حالتي وفي حالة أغلب رواد الأعمال والذي سأشرحه لاحقا.

نحن شركة ناشئة عدد موظفينا (6) موظفين، كم منهم من يقوم بالتدريب؟ فقط (2) وكم هو متوسط مدة المنهاج؟ (7) أيام، وكم تحتاج كل دورة من تجهيز وتسويق؟ قرابة شهرين، وهناك مواسم لا نستطيع العمل فيها مثل العطل وشهر رمضان، وكم هو عدد متوسط الحضور في الدورة الواحدة ؟ (15) شخص، إذاً ما نستطيع تقديمه لو عملنا بكامل طاقتنا هو:

عدد (2) مدرب × (4) دورات سنويا × (15) متدرب فيكون المجموع = (120) متدربا سنويا.

إذاً في الحقيقة نحن لا نستطيع تغطية حتى النسبة السوقية التي لو افترضنا بأنها صحيحة ونحتاج إلى المزيد من الموارد البشرية (مدربين) أو زيادة الدورات (أكثر من 4 سنويا) أو زيادة عدد المتدربين (أكثر من 15) في الدورة الواحدة.


الخلاصة

على رائد الأعمال أن يقوم بعمل التحليل من الأسفل بما يستطيع تقديمه وفريق عمله بما يتوفّر لهم من موارد مالية وبشرية ووقت لأنّه في البداية لن يكون هناك مستثمرون يقومون بضخ الأموال لزيادة هذه الموارد حتى تستطيع افتراض حجم شريحة السوق الكبيرة فإنّك لن تستطيع أن تغطيها.

إذا ماذا أفعل؟

عليك أن تقوم بالتحليل من الأعلى إلى الأسفل وأيضا من الأسفل إلى الأعلى؛ فالأول يساعدك في معرفة حجم السوق وهل هو كافٍ لدخولك فيه أو في حال كان السوق أصغر من إمكانياتك فتكون لديك موارد أكثر لتقوم بإضافة نشاط إضافي مثلا، والثاني لتعلم ماذا تحتاج في حال أردت التوسّع وكم تستطيع بناءً على ما لديك من موراد أن تقدّم وتحصل عليه.