خلال الأشهر القليلة الماضية سمعنا عن إغلاق سلسلة محلات (والمارت) الأمريكية لمئات من فروعها الحقيقة وزيادة تركيزها أكثر على موقع الإنترنت الخاصّ بها حيث إن متجر (أمازون) الإلكتروني وهو لا يملك أيّ فرع على الأرض كقيمة أصبح أعلى من قيمة شركة (والمارت)، كما أن شركة (أوبر) للنقل التشاركي كانت سببا رئيسيا في إغلاق العشرات من شركات التاكسي لمكاتبها حول العالم وأصبحت قيمتها تتخطى (60) مليار دولار وهي لا تملك أيّ سيارة واحدة، كما أنه وبسبب شركة الترفيه (نيتفليكس) التي هي عبارة عن تطبيق لعرض الفيديو بحسب الطلب أغلقت شركة (بلاك بستر) آخر فروعها الحقيقة على الأرض لتأجير الأفلام، كما أن مجلة (بينتهاوس) أوقفت النسخة المطبوعة بعد 50 عاما وتحولت بشكل كامل لكي تكون رقمية، أما عربيا فمتجر (سوق.كوم) الإلكتروني تقدّر قيمته بقرابة مليار دولار وهو لا يملك أيّ منتج أو معرض على أرض الواقع وحقّق ذلك خلال فترة بسيطة نسبيا.
وقبل أن أبدأ في الحديث عن هذا الموضوع أودّ أن أوضح بأنّي أتحدّث عن الشركات والمؤسّسات والجهات القادرة على تحمّل التكاليف المالية لإيجار المحلات والمعارض والمكاتب بل إنّ بعضها يملك أكثر من فرع، بل وبعض هذه الفروع تكون غير مربحة بل هي ضرورة للتواجد على أرض الواقع من أجل تثبيت العلامة التجارية لهذه الجهات، لكن بعض هذه الجهات تقلّل من قيمة أن تستثمر في موقع إنترنت احترافي يعكس صورتها أولا ويستطيع تقديم خدماتها لعملائها ثانيا والتركيز عليها لتكون من أهمّ الفروع وقنوات التواصل مع الجمهور ثالثا.
بمعنى إن كنت شركة ناشئة أو فردا يعمل بشكل حرّ فيكفي موقع تعريفي أو ما تسمى صفحة هبوط (landing page) للتعريف بخدماتك فيها، ولكن بما أنّك تقوم بخدمة الجمهور فلابدّ أن تضع في اعتبارك بأنّ موقع الإنترنت على الأقل يجب أن يحصل على نفس عناية واهتمام أيّ فرع حقيقي على الأرض أو أكثر.
بالعودة إلى سبب دعوتي لأن تغلق تلك الشركات مواقعها على الإنترنت؛ وهو أن هذه الجهات تستطيع أن تتحمّل تكلفة ذلك بل وتقوم فعليا باختيار معرض في مركز تجاري كبير (مول) وتستثمر في الديكور وتدفع أجور شهرية كرواتب بالإضافة إلى مصاريف الصيانة والكهرباء والتكييف والحماية والتنظيف وغيرها ولكنّها لا ترضى أن تدفع أيّ مبلغ مناسب مقابل موقع إنترنت قد يجني أرباحا أكثر من أيّ فرع أو لعلّه مع الوقت قد يكون البوابة الرئيسية ويجني أرباحا أكثر أو تماثل كل الفروع مجتمعة، نعم هذه حقيقة قد وقفت عليها شخصيا مع إحدى الشركات في مدينة الرياض حيث إنّ الطلبات على موقع الإنترنت يوميا كانت تتخطّى أكثر من 100 طلب يوميا بمجرّد افتتاحه ولم يكن هناك أيّ اهتمام بالتواصل مع هذه الطلبات وأكاد أجزم بأنّ أكبر فروعها لا يصل عدد زبائنه لنصف هذا العدد في الأيام العادية، وربما تزدحم فروعها خلال المواسم الخاصة.
في البداية أودّ أن أؤكد على أن موقع الإنترنت لم يعد وذلك منذ زمن بعيد –قياسا بثورة الإنترنت محليا- مجرّد كماليات بل أصبح من الأساسيات لأيّ جهة فالناس أصبحت تبحث عن كل ماتريده عن طريق الإنترنت بل أصبحت الشركات الكبيرة مثل (جوجل) تنادي إلى أن التواجد عبر الموبايل أصبح من الضروريات الآن سواء كتطبيق مستقل أو كموقع يدعم الدخول من الشاشات الصغيرة لأن الناس أصبحت تزور المواقع من الأجهزة الكفيّة بشكل أكبر، بل إنّ شركة (جوجل) قد أوقفت مؤخرا ظهور المواقع التي لا تدعم الشاشات الصغيرة من الوصول لها عبر البحث في محرك بحثها عن طريق الموبايل، أيّ بحسبة صغيرة عن عدد الزوار تكون قد فقدت ما يقارب 70% من زوارك وذلك بناء على تقارير الكثير من الشركات التي تقول بأن المستخدمين أصبحوا يزورون مواقع الإنترنت بمقدار 70% من هواتفهم الذكيّة.
لا تنسَ بأنّ الزحام وقلّة الوقت وتسارع عجلة الحياة أجبرت الناس على تحويل عملية الشراء من مجرّد متعة إلى واجب مرهق لذا بدأت الناس بالاعتماد على الإنترنت لتسريع هذه الأمور ومازلنا في بداياتنا في التجارة الإلكترونية ولكن تواجدك الآن يجب أن يكون قبل الغد.
ولعمل مقارنة بسيطة بين تكاليف معرض أو محل مع موقع إنترنت إليكم بعض الفروقات البسيطة كالتالي:
الوصف | تكلفة الفرع الحقيقي | تكلفة موقع الإنترنت |
إيجار محل | معرض بمكان جيد بمتوسط 150ألف ريال سنويا، وبمكان عادي متوسط 60 ألف ريال سنويا | سيرفر خاص بمواصفات رائعة لا يتعدى 12ألف ريال سنويا ويمكن أن تبدأ بألف ريال فقط سنويا |
ديكور محل | ديكورات المحل بالمتوسط 50–100 ألف ريال، وقد تزيد بحسب التجهيزات والكهربائيات | تصميم موقع مع متجر إلكتروني جيد قد لا تزيد تكلفته عن 50 ألف ريال سعودي وممكن أن تبدأ بـ 10آلاف ريال سعودي فقط |
مصاريف خدمات | بالمتوسط 1000 ريال سعودي شهريا | لا يوجد |
مصاريف تصاريح | بالمتوسط 5000 ريال سعودي سنويا | لا يوجد |
موظفون | عدد 2 بائع بمتوسط راتب شهري 6000 ريال شهريا أي 3000 ريال لكل موظف | عدد 1 مدير موقع براتب شهري 4000 ريال عدد 1 خدمة عملاء براتب شهري 2500 ريال |
مكان الخدمة | المنطقة الجغرافية محدودة بالمكان والمدينة والحي | المنطقة الجغرافية مفتوحة لكل العالم محليا ودوليا |
ساعات الخدمة | محددة ولا يمكن أن تتعدى 12 ساعة يوميا | الموقع يعمل لمدة 24 ساعة يوميا |
أيام العطل | قد تضطر لإقفال المحلّ يوما واحدا في الأسبوع على الأقل أو في المناسبات والأعياد وقد تضطر لإضافة موظف إضافي لتغطية هذه الأوقات | لا يتمّ الإغلاق بتاتا طوال أيام الأسبوع وخلال فترة الأعياد فالطلبات يمكن متابعتها في وقت لاحق |
السعة/الطاقة | توجد محدودية في طاقة التخزين والعرض وإمكانية متابعة عدد معين بنفس الوقت مثلا: عدد 2 زبون كافية لإشغال عدد 2 موظف لديك في اللحظة نفسها | لا توجد محدودية فيمكن لآلاف الزوار أن يقوموا بزيارة موقع الإنترنت في اللحظة نفسها، وكلّ منهم يتصفّح منتجا أو عدّة منتجات |
الأتمتة الإلكترونية | غير ممكنة تقريبا | يمكن وضع العديد من البرامج والتطبيقات التي تساعد في أتمتة العمل آليا والرد والتفاعل مع الزبائن خلال تجربة الشراء عبر الموقع |
مصاريف الدعاية | لا يمكن قياسها بشكل دقيق ومتابعتها | يمكن قياسها بشكل دقيق ومعرفة الناتج مباشرة كما يمكن جمع معلومات العملاء وتصرفهم خلال فترة الشراء لإعادة التواصل معهم واستهدافهم مرّات أخرى |