تعرفت على نادي الخطابة (Toastmasters) في بدايات العام (2008)، وفي
أول زيارة لي كضيف (Guest) شاركت في (Welcome Guests) بدون تردد مع تحفظ
أحد زملائي عن المشاركة لأن الاجتماع كان باللغة الإنجليزية؛ مع أن لغته
الإنجليزية أفضل مني بمراحل ضوئية وحتى يومنا هذا لم أكن أفضل من يتحدث
الإنجليزية في الخطابة, إلا أنها لم تكن لغة زميلي الأم أيضا فشعر بنوع من
الحرج، وبعد عدة محاولات لإشراكه في اجتماعات لاحقة انسحب ولم يعد يحضر.
الكثير
ممن أعرفهم كان التنمّر من زملاء العمل هو الدافع الأساسي لسفره للابتعاث
الخارجي لتعلم اللغة أولا ثم الدراسة ثانيا، فالشعور بالنقص واهتزاز الثقة
بالنفس غالبا كان يصاحب الشباب في مقتبل العمر ممن لم تكن لغتهم
الإنجليزية قوية، أو ممن لم يواجهوا المجتمع بأن اللغة الثانية ماهي إلا
جسر يمكن تخطّيه مع مرور الوقت والممارسة، وليس بالضرورة أن يكون هذا الجسر
متينا كمتانة اللغة الأم.
فاللغة وعاء الثقافة
وهي ما يحرك التفكير، كما أنها الركن الأساسي للحضارة والفهم واستحضار
الفكر والتعبير عن الذات؛ فاللغة العربية احتوت ونشرت كل العلوم وكانت
أساسا لكل اللغات في تبنّي علومها.
لكل من يدّعي
بأن اللغة الإنجليزية هي لغة البزنس وضرورية لكي تصبح عبقريا! فماذا سيقول
إذن عندما تصبح اللغة الصينية قريبا هي لغة البزنس؟!
عشتُ
في دول لا تعرف سوى لغتها الأم -غير الإنجليزية- وأسّستْ كيانها وصدّرتْ
حضارتها وثقافتها وصناعاتها إلى كل العالم ولا يشعر مواطنوها بالعجز أو
الخجل لعدم معرفتهم أي لغة أخرى.
منذ فترة طويلة
لاحظت أن بعضا ممّن يصرّ على الكتابة باللغة الإنجليزية يستخدمها كغطاء
لإخفاء عيوبه في التعبير، ويستخدمها للبريستيج أكثر منه لإيصال فحوى
الرسالة؛ فكنت أصِرّ على الكتابة بالعربية وأطلب منه الرد بالمقابل حتى لا
يكون هناك لُبس في الفهم، ويتأكد لي دائما أن من يصرّ على الكتابة
بالإنجليزية وليست لديه المرونة في الرد بالعربية لديه نقص كبير في اللغة
أو التعبير أو الإملاء أو الفهم.
كم أشعر بالغضب
عندما أحضر اجتماعا باللغة الإنجليزية وأكتشف بأن كل من فيه هم عرب. أعلم
يقينا بأن الإنجليزية استخدِمت في هذا الاجتماع لدفن أطنان من الأخطاء
والمغالطات. أو أن يكون اجتماعا يحضره عشرة أشخاص عرب وشخص واحد غير عربي
مباشرة تتحول لغة الاجتماع إلى الإنجليزية!
الحمد
لله أنني قد استطعت تحويل الكثير من هذه الاجتماعات لكي تُدار باللغة
العربية وفي النهاية يَسهُل تلخيصها لهذا الشخص غير العربي والذي أساسا قد
يكون حضوره ليس ضروريا!
تعرفت على رجل أعمال
يتحدث الإنجليزية بطلاقة وأسس الكثير من الأعمال الناجحة لكنه لا يستطيع
الكتابة بالعربية حتى الآن وإملاؤه أسوء من إملاء ابنتي في الصف الأول
ابتدائي!
وفوجئت بآخر ممن أحترم مكانته ومنصبه
بعد إصراره على الكتابة بالإنجليزية وإصراري على الرد بالعربية لتأكيد فهمي
لما يكتب بأنه لا يستطيع الكتابة بالعربية أصلا!
ماذا سأفعل:
- حاليا أستعين بمن يصحح أخطائي الإملائية وبأثر رجعي لكل مقالاتي،
- سأحاول إعادة تأسيس نفسي في الكتابة والقواعد والتعبير،
- سأركّز وأكثّف تعليم اللغة العربية لأطفالي حتى يصبحوا عباقرة.
توصية:
أوصيكم بحضور هذه الحلقة بعنوان "ماذا لو كانت مناهج التعليم بالعامية" https://youtu.be/Sf_lxiS3yoo