تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
643 كلمة 5 دقيقة

قبل حوالي أكثر من أسبوعين فُجع الناس في السعودية بقصة الطفلة لمى ذات (6) سنوات والتي سقطت في بئر مهجورة خلال تنزه العائلة في البراري القريبة من مدينة تبوك، بعد عدة أيام أصبحت قصتها في كل مكان وخصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعند متابعتي للأمر وجدت بأنّ الموضوع قد تكرر سابقا وبأن الكثير يرمي باللوم على هذه الجهة أو تلك والكثير من مطلقي الشائعات والأكثر منهم المتسلقون الذين كان لكل منهم أهداف في الشهرة أو لعلها أتت بالصدفة فاستغلوها ولا نعرف فعلا ماذا يحدث فنحن بعيدون عن الحدث وأهم ما في الموضوع بأننا كنا ندعوا الله جميعا بأن يلطف بحال الطفلة وأن يرحمها سواء كانت حية أو ميتة وأن يصبّر أهلها على مصابهم.

خلال الأيام الأولى من هذا الموضوع كان يتكرر في ذهني أمر واحد ألا وهو على من تقع مسؤولية ردم هذه الآبار المهجورة؟ ولماذا لا نقوم نحن بردمها أو على الأقل بالتبليغ عنها للجهات المسؤولة لتتخذ اللازم وأن نترك عنا سلبيتنا وإلقاء اللوم فقط على هذه الجهات. 

خطرت في بالي عدة تجارب عالمية مشابهة ولكني لم أستطع الكتابة عن الموضوع لكي لا أكون من المتسلقين الذين استغلوا الموقف حتى علمت منذ قليل عبر البيان الصحفي من الدفاع المدني بأنهم وجدوا جثة الطفلة تغمدها الله وأهلها برحمته.

الآن حان الوقت للحديث عن الموضوع بمنظور آخر؛ تخيل عشرات آلاف التغريدات اليومية التي تحدثت عن الطفلة وهذا الحشد الكبير الذي شارك بالدعاء أو بغيره لو قاموا بعمل شيء بسيط كلّ بدوره لحللنا المشكلة برمتها أو على أقل تقدير خففنا تكرار مثل هذه الحادثة.

فهناك تجربة عالمية تسمى (DARPA Network Challenge) والتي تمّ خلالها إطلاق عشرة بالونات حمراء خاصة بقياس حالة الطقس وإطلاق مسابقة لأسرع الطرق والاستراتجيات في البحث عنها والتي فاز بها فريق من معهد ماسشوتس للتكنولوجيا (MIT) باستخدام الشبكات الاجتماعية ووجدوا البالونات العشرة في أقل من (9) ساعات والتي أطلقت من عدة ولايات في أمريكا باستخدام استراتجية (Crowd Sourcing) والتي تحدثت عنها سابقا ويمكنك قراءة الموضوع بشكل أكبر بالضغط هنا.

كذلك الحال هناك تجربة عالمية لأحد الباحثين عن قبر أحد قادة المغول والذي طلب بأن يتمّ دفنه في مكان سرّي لكي لا يعلم الأعداء عن وفاته أولا فيستخف بجيشه وكذلك الحال حتى لا يدنّس أحد قبره وبعد عدة بحوث استعان الباحث بالناس وذلك عبر تحديد منطقة شاسعة يعتقد على الأغلب بأن القبر يقع فيها وطلب من المتطوعين بتحديد أيّ شيء غريب على الأرض يبدو وكأنه قبر باستخدام خرائط جوجل وتطوع العشرات من الناس وحددوا النقاط على الخريطة وبعدها قام الباحث فقط بإرسال طائرة هيليكوبتر لعبة موجهة لا سلكيا تحمل كاميرا لتتأكد عن قرب من المواقع المحددة ومن ثمّ الذهاب لها والتنقيب هناك.

كذلك الحال كنت في إحدى الجلسات الخاصة في إحدى الديونيات التي حضرها معالي وزير التجارة (توفيق الربيعة) وذكر كلمة جميلة بأن جهته تملك (25) مليون مراقب ألا وهم عدد سكان المملكة وذكر بأنه عندما تمّ الإعلان عن حملة وجوب وضع لواصق الأسعار على كل البضائع بأن الناس هم من قاموا بالنشر والمراقبة والتبليغ ولم تقم الوزارة إلا بقليل من الجهد وهذه أيضا تجربة أخرى لاستخدام حشد الجماهير.

نعم هذه هي الطريقة باختصار؛ كل ما نحتاجه هو نموذج يمكن بناؤه مجانا عبر خدمة (Google Docs) يحوي فقط رابط الإحداثية ووصفا بسيطا حيث يتطوع الناس باستخدام خرائط جوجل بمسح المناطق التي تكثر بها مثل هذه الآبار وتحديد النقاط ووضعها بالنموذج ومن ثمّ يتمّ إيصال تلك البيانات إلى جهة مختصة لتقوم بالباقي أو على أقل تقدير يتم نشرها للناس لتتوخى الحذر من الذهاب إلى تلك الأماكن الخطرة أو يقوم كل شخص يملك سماحية بردم أو وضع إشارة تحذير كلّ بما يستطيع على هذه الآبار بعد أن علم عن مكانها.

هناك الكثير من المنتديات العربية والمجموعات التي تهتم بالرحلات البرية السعودية وكذلك الحال هناك الهاشتاج الخاص بالطفلة لمى والذي يمكن نشر الطلب عن طريقه وكل ما نحتاجه هو نموذج يأخذ بالضبط (5) دقائق. قد يقول أحدهم لماذا لا تقوم أنت بذلك، ببساطة لا أودّ أن أُتّهَم بأنّي أحد المتسلقين لأني لا أعلم عن تلك المناطق أيّ شيء وربما أخذ هذه المبادرة شخص أفضل وأعلم مني فيضيف عليها ويستطيع إيصالها إلى الجهة أو المكان المناسب.

اللهم ارحم أهل لمى وجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات