هذا ليس عنوان مسلسل جديد للخيال العلميّ بل هو ما يحدث حاليا فنحن نذهب كلّ يوم إلى الماضي كلّما تطوّرت هواتفنا وحواسيبنا؛ السؤال كيف؟ اقرأ معي هذه السطور وستعرف كيف!
خلال سفرتي الحاليّة أقوم باستخدام الإنترنت عبر تقنية الجيل الثالث وذلك بشرائي شريحة تحوي باقة بيانات وأقوم بوضعها بهاتف آخر قمت بتهيئة إعداداته ليكون نقطة وصول أيّ بالعاميّة (مودم وراوتر للإنترنت)، وأقوم بربط أجهزتي الأخرى بهذا الجهاز، المشكلة الكبيرة التي أواجهها هي أنّي مضطر لحمل هاتفين أوّلا ولكن المشكلة الأكبر هي نفاد طاقة الجهاز الثاني بسرعة لأن الأجهزة الأخرى تستنزفه ما بين اتّصال بالجيل الثالث (3G) وأيضا عبر تحويله كنقطة وصول لا سلكيّة.
قبل بضعة أيّام كنت في رحلة طويلة خارج المنزل ولم أشأ أن أحمل معي مخزّن طاقة إضافي فجيوبي لا تحتمل المزيد من الأدوات وللأسف قبل نهاية اليوم قاربت البطاريّة على النفاد فاضطررت لإيقاف الإنترنت وجعله يعمل كهاتف فقط في حال احتجت له في حالات الطوارئ.
خلال هذا الوقت كان لديّ وقت انتظار طويل وكالعادة قمت بتشغيل الهاتف وأردت أن أستخدم أيّ تطبيق ولكن للأسف كلّ التطبيقات كانت تحتاج إلى إنترنت حتّى اللعبة الوحيدة التي على جهازي لا تعمل إلاّ بالاتصال بالإنترنت!!
بالطبع هناك الآلة الحاسبة ولكن لا تنفع لتمضية الوقت لأن التفكير في أرقام كبيرة لحسابها يجعلها تظهر أرقاما غريبة لا أعرف كيف أفسّرها!
ماهذا؟ الجهاز بلا فائدة دون انترنت؛ نعم 100% الجهاز غير مفيد بكلّ التقنية التي فيه!
الآن وللإجابة على السؤال؛ كيف ذهبنا إلى الماضي؟ أعتقد بأنّ غالبية الجيل الحالي لم يسمع أو على أقلّ تقدير لم يستخدم المحطّات الطرفيّة سابقا، ولكي أشرح ما هي المحطّات الطرفيّة لمن يعاصرها، فهي أجهزة كمبيوتر تبدو كالأجهزة المكتبيّة ولكنّها بلا فائدة إن لم تكن متّصلة عبر الشبكة بجهاز خادم رئيسيّ يسمّى (Main Frame) وكانت تلك الأجهزة تحوي بضعة تطبيقات فقط تستخدم من أجل أغراض محدّدة.
ربّما آخر هذه الأجهزة كانت موجودة لدى المنافذ الحدوديّة مثل الجوازات والخطوط الجويّة بالمطارات والتي تكون مرتبطة بحاسب ضخم بعيد من أجل التواصل مع قاعدة البيانات البعيدة، وفي حال تمّ فصل كيبل الشبكة فإنّ هذا الجهاز يتحوّل إلى كومة خردة لا فائدة منه.
نعم نحن الآن نذهب إلى ذلك الوقت فكلّ التطبيقات تقريبا أصبحت بحاجة إلى اتّصال دائم بالإنترنت وبمجرّد انقطاع الإنترنت عنها فإنّها تصبح بلا فائدة!
عن نفسي كصاحب شركة تطبيقات تنبّهت إلى هذا الأمر منذ مدّة طويلة وأحاول أن تكون تطبيقاتي تحوي على الأقل قيمة دون الاتصال بالإنترنت ولكن مع مرور الوقت فإنّي سوف أتحوّل لأكون مثل تلك التطبيقات لأنّ هذا سيسهّل عليّ العمل والصيانة والتحديث بالإضافة إلى إعطائي المزيد من التحكّم.