تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
694 كلمة 5 دقيقة

حلطمتي اليوم تقنية بحتة عن مستقبل إنترنت الأشياء والتي تغزو عالمنا وقد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية من الصباح حتى المساء.

لحظة لحظة! ماذا تعني كلمة "حلطمه"؟ هي كلمة دارجة في اللهجة المحلية في كثير من دول الخليج وتعني حديث النفس السلبي أو التأفف من الحال وأفضل تعريف طويل وممتع تجدونه في هذا الموضوع - تعريف حلطمه أو هنا ماذا تعني حلطمه 


وإن كنتُ من المتفائلين جدا في أن التقنية ستكون سببا في تسهيل حياتنا اليومية ومساعدتنا على بلوغ منتهى السعادة إلا أن النظر إلى الموضوع بنظرة المتفائل الصّرفة لهو ضرب من ضروب الجنون وخصوصا أنّ هناك خفايا قد لا ينتبه لها البعض بخطورة أن تقوم بتسليم حياتك بالكامل لجهات لا تملك أي تحكّم عليها.


كيف؟ في البداية سأتحدث على عجل عن مفهوم (SaaS - Software as a service) وهذا المفهوم القادم بقوة في عالم التطبيقات والبرمجيات والذي يعني استخدام التطبيقات والبرامج كخدمات موجودة على السحابة (cloud services) بدلا من امتلاكها والانتفاع من خدماتها فقط، مثلا بدلا من تركيب خادم للبريد الإلكتروني في منظمتك فإنك تقوم بربطها مع خدمات جوجل السحابية. ونظرا لأهمية المفهوم وإيجابياته وسلبياته سأفرد له موضوعا مستقلا في المستقبل بإذن الله.


بما أننا سمعنا عن (Saas) وتقبلناها لأن إيجابياتها أكثر من سلبياتها - إلى حدّ ما - إلا أن المصيبة هي في استخدام المعدات نفسها أو المنصات كخدمات هي المشكلة (HaaS - Hardware as a service) أو (IaaS - Infrastructure as a service)؛ فإن لم يكن لنا تحكم أو سلطة على تطبيقاتنا وبرامجنا التي نقوم بتأجير خدماتها ففي النهاية يمكننا أخذ نسخة من البيانات وإعادة نقلها إلى منصة أو خدمة أخرى بديلة، فنحن قد دفعنا مبلغا زهيدا نسبيا للإنتفاع من هذه الخدمة ولكن عندما تكون المشكلة في (HaaS) فأنت فعليا قمت بدفع مبلغ كبير للحصول على شيء فيزيائي ثم تتورط به ليصبح قطعة خردة!


تخيّل معي أحد أسهل الأمثلة هو في أن تقوم باستئجار سيارة؛ نعم السيارة العادية تعتبر (HaaS) ولكنها أقرب إلى (Saas)، فأنت عندما تستأجر السيارة فأنت تستأجر المنافع من السيارة لكي تستخدمها في التنقل وبعد ذلك تقوم بإعادتها وتدفع مقابل أيام استخدامها فقط.


دعونا نبقى مع نفس المثال، تخيّل أنك قمت بشراء هذه السيارة وليس استئجارها ومن ثم وبعد عدة أيام توقفت عن العمل ولا يوجد أي سبيل لتشغيلها والاستفادة منها،  بالتالي ستكون هذه السيارة قطعة خردة تأخذ مساحة فيزيائية مزعجة.


السؤال هو كيف يمكن لهذه السيارة أن تتوقف عن العمل وبدون إمكانية لإعادة استخدامها؟ أو حتى أن يكون السبب عطلا فنيا أو ميكانيكيا؟ ببساطة السبب هي إنترنت الأشياء، نعم أغلب السيارات أصبحت توظف هذه التقنيات لكي تتمكن من تقديم خدمات وتحديث مستمر لأداء خدمات السيارة ومع الوقت ستصبح مرتبطة بشكل كامل بالإنترنت.


تخيل معي هذا السيناريو؛ سيارة جوجل ذاتية القيادة قد تمّ السماح لها بالتنقل في المملكة العربية السعودية. هذه السيارة تعتمد على خدمات جوجل السحابية لتحديث نفسها وتفاعلها والارتباط بخدمات الزحام والخرائط والتوجيه والتعرّف الصحيح عل البيئة المحيطة ومن ثم حصل عطل ما في شبكة جوجل!  أو انقطعت الإنترنت؟! هذا السيناريو وارد بشكل كبير  وبالتأكيد فإن شركة جوجل وضعت في الحسبان حلولا لهذا السيناريو  لكي تستمر سياراتها ذاتية القيادة بالعمل على الأقل حتى تُنهي مشوارها الحالي وقت وقوع المشكلة أو الانقطاع.


الآن ماذا لو استمرت هذه السيارات بالعمل وتغيرت أنظمة السير في السعودية؟ مثلا السعودية من البلدان القليلة حول العالم التي يُسمح فيها الالتفاف نحو اليمين حتى لو كانت الإشارة حمراء. لو تغير هذا النظام ليكون متوافقاً مع النظام العالمي فإن هذه السيارات ستكون مصيبة تتحرك على الأرض لأنها ستستمر بالعمل على برمجتها القديمة والتي تسمح لها بالتوجه نحو اليمين، إذ أنها غير مرتبطة بنظام تحديث يقوم بتلقينها هذه المعلومة الجديدة لتعرف كيف تتصرف.


تخيل معي سيناريو أجهزة الأيفون والتي لا تعمل بدون حساب itunes ؛ حتى لو افترضنا أننا قمنا بتفعيل الجهاز وبدأ بالعمل فعلا ولكن ماذا لو حدث اختراق للشبكة؟ ومن ثم انتشر فيروس بسيط يقوم بمسح كل بيانات الأجهزة المرتبطة أو على أقل تقدير تعطيلها عن العمل فستتحول أجهزة الأيفون إلى قطعة خردة أنيقة، نفس السيناريو بالسيارة لو حدث اختراق لشبكة الشركة العالمية فسيمتد الأثر عالميا.


حاليا إنترنت الأشياء أصحبت في أبسط تطبيقات حياتنا اليومية من الإضاءة وأجهزة فتح أقفال الأبواب وكاميرات المراقبة وألعاب الأطفال وكل هذه الأشياء في حياتنا أصبحت مرتبطة بالإنترنت لذا سُمّيت بـ "إنترنت الأشياء".


الحلول

ولكي لا أطيل عليكم بالحلطمه فالحل ببساطة هو أن تقوم الجهات الرقابية في الدول مثلا هيئة المواصفات والمقاييس بإجبار الشركات المصنّعة بإتاحة خيار أن يكون الارتباط ببديل آخر محلي والذي يكون ببساطة (خدمة سحابية) محلية حيث يكون هناك سيطرة أكثر و خيار إضافي لتبقى هذه الأشياء المرتبطة بالإنترنت قيد العمل.