تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
574 كلمة 4 دقيقة

اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حياتنا وأصبحت حديث المجالس ومرتبطة بحياتنا اليومية بطريقة أو بأخرى بل هي دائما على بعد أصبع منك عبر الهواتف الذكية التي تعمل باللمس وأكثر مَن تميزت مِن هذه المواقع تلك التي تصنّف تحت مسمى (التدوين المصغر) – (Micro Blogging) وتعتمد بفكرتها على نشر الأفكار والأخبار عبر كلمات قليلة مختصرة وأقلها موقع (تويتر - Twitter) الذي لا تتعدى حروفه (140 حرفا).

قبل أن نتحدث عن موضوع ثقافة الاختصار دعنا نشرح السبب الذي جعل موقع (تويتر - Twitter) يكتفي بـ (140 حرفا) وهو سبب تقني أساسا، حيث إنّ فكرة الموقع الأساسية كانت للتكامل مع الرسائل النصية (SMS) عبر مزودي خدمة الهاتف حيث يكون الموقع هو منصة لتوزيع هذه الرسائل بين الأصدقاء لمعرفة أخبار بعضهم البعض، وكما نعلم بأنّ الحدّ الأقصى لعدد حروف الرسالة باللغة الانجليزية هو (160) حرفا فإنّ موقع  (تويتر - Twitter) قام بحجز ما مقداره (20) حرفا ليكون اسم المستخدم / المرسل وأبقى على (140) حرفا لتكون الرسالة وبهذا يكون المجموع (160) حرفا، وبعدها تغيرت طريقة الموقع بدلا من الاعتماد على رسائل الجوال ليكون الموقع هو أساسا المنصة الرئيسية للتواصل وتوزيع الرسائل بالاعتماد على تطبيقات (عميل – client) على الهواتف الذكية ولم يبقَ ذلك العائق التقني ولكن الموقع أبقى على هذا الحدّ من الحروف واشتهر به.

 

الكثير ممّن يدخل عالم مواقع التواصل الاجتماعي لأول مرة يصعب عليه فهم آلية وكيفية التعامل معها بل وأكثرها تعقيدا هو موقع  (تويتر - Twitter) حسب رأي الكثيرين؛ فهو بسيط إلى درجة أنّ البعض لا يفهم فكرة الاستفادة منه وهي حالة يمرّ بها الكثيرون في بداية الدخول إلى هذا الموقع حتى يصل إلى درجة الإدمان لاحقا.

أكثر ما يضايق الناس في البداية هو محدودية الرسالة بـ (140) حرفا، بل إنّ أكثر من أحجم عن هذه المواقع في البداية بسبب عدم إمكانيته التعبير بأفكاره أو التواصل عبر هذا الكمّ الضئيل من الكلمات، إلا أنّه ومع الوقت أصبح الناس يتكيّفون مع ذلك بل وأصبحوا مضطرين لعدم استغلال الـ (140) حرفا بشكل كامل أملا في ترك مجال للناس للتعليق عليها أو إعادة نشرها والتفاعل معها، مع العلم بأن موقع تويتر كان أساسا لمعرفة أخبار الأصدقاء وما يقومون به ولم يكن لنشر الأفكار والأخبار والتواصل ومع ذلك فإن سبب انتشار الموقع هو بسبب تمكينه للأشياء التي لم يكن أساسا قائما عليها.

من هنا انتشرت ثقافة الاختصار في الكلمات وأنا من أكثر المناصرين لها، فدائما ما تكون ردودي مختصرة ومقتضبة وحتى رسائل البريد الإلكتروني واتصالاتي الهاتفية كذلك، ولكن للأسف ليس ذلك صحيحا في التواصل مع الناس وهذا أحد أسباب كوننا أصبحنا غير اجتماعيين ونفتقد لمهارات مثل التفاوض والتواصل الفعال.

البعض اتّهم مواقع التواصل الاجتماعي بأنها سبب لتسطيح ثقافة الناس كون الأفكار أصبحت مجردة ومختصرة بعدد قليل من الكلمات حتى يمكن نشرها، بل إنّ من أسوئها هو احتمال فهم الكلمات في حال لم تكن مصاغة بشكل واضح جدا جدا حيث يسيء البعض فهمها واحتمال أكثر من معنى لها وتأتي الطامة أيضا عندما يضطر البعض لشرح أو تبرير موقف معين فيقع في فخ الاختصار مما يقلب عليه الناس وخصوصا المشاهير منهم الذين لم يتعوّدوا على الاختصار فالكثير من الكتّاب حين كانت محدودية المقالة في الصحف والمجلات التي تكون ما بين (200 – 250) كلمة غير كافية لشرح ما لديه فما بالك بـ (140) حرفا والتي لا تتعدى (20) كلمة بالمتوسط.

في النهاية، عن نفسي مازلت أرى أنّ ثقافة الاختصار فعالة في ظل هذا العصر المتسارع الذي لا يحتمل إضاعة الوقت من أجل التمحيص بفكرة معينة وكما يوجد دائما أدوات مكمّلة مساعدة يستطيع فيها من يودّ الاستفاضة بشرح أفكاره التي لا تحتمل الاختصار أو التي تحتمل فهمها بأكثر من طريقة مثل تدعيم المواضيع بصور أو مقاطع فيديو أو وصلات لمواضيع في مواقع أخرى أو مدونات أو عبر خدمات أخرى.