تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
782 كلمة 5 دقيقة

* قمت بكتابة هذه المقالة لصالح جريدة المدينة حيث إنه من المفروض أن تنشر في رمضان، وكعادة الجرائد فهم يستعجلونك في كتابة المقالة – مثلا نريدها غدا – وبعدها لا يقومون بالرد عليك أو إعلامك في حال مناسبتها للنشر من عدمه ويكتفون بالتجاهل؛ فها هي الآن لكي لا يذهب تعبي هباء ويستفيد الجميع منها.

يقال أن لكل زمان رجال وبالتأكيد لكل زمان أدواته في الإعلام، لذا فإنّ الإعلام الجديد ليس بالجديد بل الجديد هو في الأداة المستخدمة. فلو عدنا إلى أيام (هتلر) والذي استخدم البث التلفزيوني لأول مرة لبثّ خطاباته الشهيرة لعلمنا بأنّه قد استخدم الإعلام الجديد بأداة جديدة في وقته، وكذلك الحال في أيام ثورة (الخميني) في إيران والذي استخدم فيها ما يسمى اصطلاحا الشريط الإسلامي والذي امتد أثره ليصل إلى السعودية والعالم الإسلامي واستخدمه الدعاة في نشر خطبهم ودروسهم؛ أما الآن وفي عصر الإنترنت فلقد تجددت أدوات الإعلام الجديد تحت مسمى الشبكات الاجتماعية.

الإعلام الجديد في كل عصر وزمان هو التجدد في أداة الإعلام والتي تعتمد على نفس المبدأ ألا وهو الوصول لثقة الجمهور، فكل من تصله الرسالة الإعلامية عبر هذه الأداة يشعر وكأنه المقصود فيها شخصيا وبأنها تتطلّب منه التفاعل مع الحدث والسبب بالتأكيد بزيادة الثقة بأنّ المستخدم أو المستهلك أو المستفيد النهائي قد وصل لهذا المحتوى (الرسالة الإعلامية) باختياره هو أو عن طريق توصية المقربين أو باختصار عن طريق من يثق بهم.

لذا كانت الشبكات الاجتماعية تعتمد على بناء الثقة وإن تعددت طرقها، من مرئي  ومسموع ومقروء إلا أنّها يجب أن تُبنَى على مبدأ بناء الثقة مع الجمهور، فكل من اعتقد بأنه قادر على الوصول (للمجتمع) وهي الترجمة الحرفية لكلمة (Community) بالطرق التقليدية وهي الإعلان أو إخبار الجمهور بما هو الجيد له فإنه ما زال مخطئا.

فلو أخذنا مثالا مبسطا لعملية استغلال الشبكات الاجتماعية في التسويق وكيفية اختيار الطرق المثلى لذلك فلعلّنا عدنا لأساسيات التسويق وهي بأنك تبيع الفوائد من المنتج وليس المنتج في حدّ ذاته، ولو دمجنا ذلك مع أسباب دخول الناس للإنترنت وهي أولا لتمضية وقتهم في الشبكات الاجتماعية وثانيا للفائدة لخرجنا بأفضل طريقة لاستغلال الإنترنت والإعلام الجديد أو الشبكات الاجتماعية في أفضل مزيج تسويقي على الانترنت.

وعليه فعندما أقوم ببيع (مثقاب / دريل/ جهاز حفر) فإنني أبيع فعلا (ثقبا في جدار) وليس الجهاز في حدّ ذاته وهي المنفعة المرجوة من هذا الجهاز، وعليه فإنّ أفضل وسيلة لتسويق ذلك عبر الشبكات الاجتماعية ليست بعرض مميزات هذا المثقاب بل هي ببناء ثقة المستخدم بهذا المنتج وذلك بعرض نفسك كخبير أو محترف وليس كبائع أو مسوق عادي؛ فعلى سبيل المثال قم بعرض فيديو تعليمي أو تثقيفي - كما تحب أن تسميه - لتعليم الناس بالطريقة المثلى والمكان المناسب لثقب الجدار وكيفية ذلك، ولو علمنا بأنّ من الأسباب الرئيسية لدخول الناس إلى الإنترنت هي البحث عن المعلومات والترفيه فكان من الجيد تطعيم هذا الفيديو بشيء من الترفيه وإضفاء طابع النكتة ليكون مسليا ويتناقله الناس ويتشاركونه فيما بينهم ليكون لهذه الرسالة الصدى الكبير الذي يترجم في النهاية إلى ثقة العميل التي تعني المزيد من المبيعات.

أذكر قصة ذلك المدير الذي سمع بأهمية الشبكات الاجتماعية وبضرورة أن يكون لمنظمته موطئ قدم فيها، فقام بتوجيه مسؤول تقنية المعلومات بما أنّ الموضوع (كمبيوتر) و (إنترنت) ! والذي قام بدوره بالبحث عن الموظف الأكثر خبرة في التعامل مع الشبكات الاجتماعية والذي وقع اختياره على أكثر موظفيه ممن يملك أصدقاء على مواقع الشبكات الاجتماعية مثل (تويتر) و( وفيسبوك) وترك له هذه المهمة التي لم تأخذ فعليا من هذا الموظف أكثر من (خمس) دقائق لإنشاء حساب للشركة على هذه المواقع وصفحة معجبين ودعوة موظفي الشركة إلى هذه الصفحة.

وبعد فترة ستة أشهر لم يتعدى عدد المتابعين ثلث عدد ما يملك هذا الشخص من أصدقاء وكانوا غالبيتهم من الموظفين الذين كانوا أعضاء في الشبكة بشكل صوري ولاءً وربما مجاملة للمكان الذي يعملون فيه وبهذا تحققت قصة فشل أخرى في تطبيق الشبكات الاجتماعية.

لذا فإنه من المفروض أن يتمّ وضع الخطة الأساسية لتطبيق الشبكات الاجتماعية في الأعمال وبالسؤال الأول (ما هو العائد على هذا الاستثمار؟) أو ما تعارف عليه (ROI)، فالشبكات الاجتماعية تحتاج إلى استثمار مالي فعلي وإن لم يكن واضحا منذ الأساس ما هو العائد على هذا الاستثمار والأهداف المرجوة منه فإنه لن يكون ذا أثر أو فائدة.

الإعلام الجديد هو بتجدد الأدوات في كل زمان والتي كانت الشبكات الاجتماعية هي أحدث أدواته وأكثرها استخداما وتأثيرا، لذا علينا استخدامها واستغلالها بطريقة احترافية وذكية والمبنية على أسباب دخول الناس إليها واستخدامها وبناء الثقة مع المجتمع لإيصال الرسالة الإعلامية أو الإعلانية أيّاً كانت بطرق حديثة تتناسب مع هذه الأداة؛ وذلك عبر بناء وتبني خطط استراتجية تتماشى مع أهداف كل من يودّ استخدامها كالحكومات والقطاع الحكومي والشركات الخاصة وحتى الأفراد. فلكل منهم هناك خطط استراتجية بسيطة في أساسياتها ويسهل تبنيها ولكنها عميقة في أثرها وتحتاج إلى خبرات فنية وتقنية لإدارتها وتقديم القوالب لهذه الرسالة، وخبرات إعلامية وفنية لصياغة محتوياتها، وخبرات في مجال الشبكات الاجتماعية لوضع الخطط وإدارة تنفيذها ومتابعة وتحليل أثرها حتى تؤدي إلى النتائج وتحقيق الأهداف المرجوة منها.

 انتظروني في وقت لاحق حيث سأتحدث عن كيفية إعداد الخطط الاستراتجية لتوظيف الشبكات الاجتماعية في خدمة المنظمات والشركات في التسويق والإعلام.

بالتوفيق