عنوان المقال هو الوصف الصحيح لأسباب فشل المشاريع بشكل عام والرقمية بشكل خاص؛ تعددت الأسباب والموت واحد .
أذكر صديقي الذي استثمر الكثير من الأموال والوقت والجهد لبناء مشروع كان ليكون ربما أول بنك رقمي (خدمات أون لاين) في أمريكا في العام (2000) ميلادية، وأذكر كلماته لوصف سبب فشل المشروع "كنا نبني ونعلي" واصفا لحالتهم مع المنتج في حشوه بمئات الميزات والوظائف، وفي كل مرة تتغير خطط الإطلاق لعدم القناعة بكفاية المنتج حتى أفلسوا تماما ومات المشروع.
عن نفسي عاصرت الكثير من الشركات والجهات التي كانت لها أحلام في بناء منظومات رقمية لمؤسساتها ولكنها لم تنجح بسبب ادعاء البحث عن الكمال، أو لربما هكذا اعتقدوا.
هناك أسباب كثيرة لفشل المشاريع ربما أهمها البحث عن الكمال، وتوجد مقولة جميلة تصف هذه الحالة:
"If You're Not Embarrassed By The First Version Of Your Product, You’ve Launched Too Late"
"إن لم تكن محرجا من النسخة الأولى من منتجك فبالتأكيد قد تأخرت في إطلاقه"
قبل أن أضع أسباب التأخر في الإطلاق بدعوى الكمال، فلنتفق بأن الكمال موضوع نسبي حسب كل مشروع ومن المهم أن نعلم بأن الجودة لا تعني الكمال.
لماذا البحث عن الكمال يسبب فشل مشروعك؟
لن تنتهي أبدا
في علم إدارة المشاريع يؤكد أن المشروع هو مرحلة وله فترة حياة وتنتهي، وبعد ذلك يأتي ما يسمى بدورة حياة تشغيل المشروع، إلا أن ذلك يختلف في المشاريع البرمجية وخصوصا التي تنتهج طريقة (أجايل) في الإدارة، حيث إنه لا توجد مواصفات نهائية للمشروع منذ البداية بل هي متغيرة طوال حياة المشروع التي تتضمن فترة التشغيل.
فمن يعتقد بأنه بعد بناء تطبيق أو موقع فإنه قد انتهى فهو واهم، بل إن مرحلة التشغيل والتغيرات التي تصاحبها والعمليات التي تتم فيها من الطبيعي أن تكون أكثر وقتا وجهدا ومالا من فترة إنشاء المشروع نفسه.
بناء منتج رقمي هي رحلة طويلة لا تنتهي، فلا تعتقد بأن هناك نهاية للمشروع سوف تصل إليها ببحثك عن الكمال.
عدم المخاطرة مخاطرة بحد ذاتها
من الكلمات الجميلة لصديقي (مازن) "انزل السوق باكرا ودعه يقوم بتأديبك"، فليس هناك شيء كامل سوى وجه الله سبحانه وتعالى، ويجب أن نعي متى يجب أن نكون متواجدين في السوق عبر إطلاق المنتج لكي نتعلم من مستخدميه.
لن تستطيع إسعاد الجميع
الكثير من المشاريع تطول بسبب أن القائمين عليها يحاولون إرضاء شخص معين، أو يحاولون أن يكونوا بمظهر جيد أمام صاحب المشروع، ويتناسون بأن نجاح المشروع يعني استخدامه من قبل العميل النهائي، فإن لم تصل لتلك المرحلة فلن يعجب ذلك صاحب المشروع بالتأكيد، ولا تنسَ مقولة "أنت لست ببائع آيس كريم (مثلجات) لتجعل الناس سعداء".
اليأس، التوتر، خيبة الأمل، والملل
غالب المشاريع مهما كانت مهمة أو جميلة مادامت لم تتوفر لما صُمّمت لأجله - استخدامها من قبل العميل النهائي- ، فإن العاملين عليها سوف يشعرون باليأس والملل من إنهاء المشروع مما يصاحبه توتر الإدارة وإصابتهم بخيبة الأمل من مدراء المشاريع. انزل باكرا للسوق وحول المشروع إلى تحدي حقيقي يشعل حماسة الجميع.
خفوت الإبداع
طول مدة المشروع يستنفذ مخزون إبداع العاملين عليه، ولا يمكن إضافة المزيد من الإبداع كونه لا يوجد تجديد للأفكار أو تحديات للبحث عن أفكار إبداعيه جديدة، ولا ننسى بأن "الإبداع يأتي من الخارج".
المركزية باتخاذ القرار
من أحد أسباب تأخر المشاريع بحجة الكمال هو كون صاحب القرار النهائي في الإطلاق مركزيا، مما يؤكد أن المشروع ليس قائما على التفويض الكافي لفرق العمل لتتحمل المسؤولية الكافية للخروج بمشروع بالحد الأدنى المقبول.
قائمة طويلة غير مهمة
أذكر في مقال قديم قرأته عن MS-WORD بأن هناك أكثر من 89% من المميزات فيه لا يستخدمها الناس، وفي حال أردت أن تقوم بعمل ذلك في منتجك فعليك أن تملك فريقا كبيرا مثل مايكروسوفت وميزانية ضخمة مثلها حتى تستطيع تغطية كل الميزات بتخصيصها حسب حالات محددة.
انطلق لا تتأخر فهناك مراحل مهمة ومتعددة في الإطلاق الباكر (MVP) ومنها اختبارات (AB Testing) لمواءمة المنتج مع السوق حتى تتأكد من حاجة المستخدم النهائي.