سأعترف في البداية بأنني كنت في مرحلة ما في بدايات حياتي العملية أعتقد كغيري بأنّ ما لديّ يستحق أن يصل إلى العالم، وبأنّ العالم مقصّر في عدم البحث عن ما لديّ من إبداع ليستثمر به، أو كما كنت أعتقد بأنّه كذلك في ذلك الوقت حتى لو كان بعض مما لديّ شيئا رائعا كتقنية بنظر من حولي ممن حاولوا تشجيعي، إلا أنّ المستثمرين لا يستثمرون في تقنية محددة بحدّ ذاتها بل يشترونها أو يشترون حقوقها لذا فالفكر كان مغلوطا لي وأحببت أن أوضّح ذلك لمن بعدي وما زال في تلك المرحلة ليعرف الطريق الصحيح والفرق بين الشراء والاستثمار وكيف يمكن أن تقوم بإيجاد مستثمرين للاستثمار بمشروعك بكل سهولة بإذن الله.
في البداية أودّ أن أؤكد على النقطة السابقة؛ فإن كنت تملك تطبيقا أو منتجا أيّا كان وهذا التطبيق أو التقنية (المنتج) متكاملا جاهزا (وتملك حقوق تسجيله) فإنك غالبا ما تبحث عن مشترٍ لهذه الحقوق أو التقنية حيث يقوم هو بتسويقها أو تبنّيها أو تطويرها أو أيّا كان.
إذاً أين يأتي المستثمر – أكرر المستثمر ليس مشتريا – المستثمر هو الشخص الذي يدخل معك مخاطرا بماله وأكثر من ذلك؛ أي بعلاقاته وخبراته بل وربما بوقته بالعمل معك أو بتقديم النصح والاستشارة فهذا المستثمر ضخّ أموالا معك ويجب عليه أن يتأكد بأنّ هذه الأموال تصرف بالوجه الصحيح أو في المكان المطلوب ليحصل على العائد الذي يرجوه أو على الأقل ليضمن عدم ضياع أمواله في مكان غير صحيح وهذا من حقه.
اعلم أولا عزيزي الباحث أنّ المستثمر يستثمر بك أنت شخصيا أكثر من استثماره بالمنتج لذا قد لا يكون واثقا 100% بمنتجك وبمدى نجاحه وهو يخاطر معك أنت شخصيا لأنّه تأكد من قدراتك للوصول النهائي، أو في حال الفشل فإنّك قد قمت ببذل كل ما تستطيع أو ربما استطعت تغيير توجّهك والعمل على شيء ناجح دون أن تشعر باليأس والفشل وبهذا سيكون استثماره في المكان الصحيح وليس بفورة تنتهي سريعا.
إن علمنا بأنّ المستثمر يستثمر بك شخصيا إذاً ماذا عليّ أن أقدّم ؟ السؤال الأصحّ برأيي ماذا عليك أن تثبت؟ وعليه فإنّه من خبرتي البسيطة وقراءاتي وتجاربي الشخصية مع حوالي (9) مستثمرين مختلفين في فترة (6) أشهر للبحث عن استثمار؛ فإنّ بعضهم قام بالاتصال بي والعرض والبعض الآخر أنا من قمت بالذهاب إليه والطلب، وفي جميع الحالات كانت تجربة رائعة تعلّمت منها الكثير وفي كل مرة كنت أتعلم شيئا أضيفه إلى قائمتي فيما أبحث عنه في المستثمر القادم أو ماذا أريده من المستثمر القادم إن عرض عليّ استثماره، مع العلم أنّي ولله الحمد لم أواجه أيّا من المستثمرين الاستغلاليين الذين يودّون أكلي بل جميعهم كانوا رائعين ومكسبا على جميع الأصعدة وهذا يزيد من صعوبة الاختيار.
قبل أن أبدأ أودّ التفرقة بأنّ هناك الكثير من أنواع المستثمرين وهم:
القسم الأول؛ ويسمى (الأصدقاء والعائلة والمغفّلون) ويطلق عليهم باللغة الإنجليزية (3 F) (Family, Friends and Fools) وغالبا ما يكون هؤلاء هم المرحلة الأولى حيث يمكن أن نحصل منهم على بعض الأموال دون أن نثبت الكثير لهم أو بقليل من العاطفة تستطيع أن تحصل على أموالهم.
القسم الثاني؛ والذي يسمّيه البعض استثمارا مع مخالفتي له وهي حاضنات التقنية وهي ليست مستثمرا بل هي بيئة مؤقتة تساعدك في الوقوف على قدميك وتكون عادة بعد المرحلة الأولى والتي تطلب منك الدخول للسوق وتواجد المكان وهنا توفّرها الكثير من الحاضنات الموجودة والتي تكون عادة حكومية.
القسم الثالث؛ المستثمرون الطيبون (الملائكة) (Angel investors)، لا أعلم سرّ هذا الاسم أو ما الذي يفرّقهم عن المستثمر العادي ولكن بحسب ما واجهته حتى الآن هو أنّ هؤلاء المستثمرين أقل تطلّبا وأكثر صبرا وربما أقل مساهمة برؤوس أموال كبيرة ولكنهم بمخاطرتهم بالعمل معك في مرحلة مبكرة فإنهم يطلبون حصة كبيرة من مشروعك وأيضا قد يساعدونك أكثر بوقتهم، ولكن الأهم هو أنّ هؤلاء المستثمرين يكونون أفرادا وليسوا شركات استثمار وقد يكونون مجموعة من المستثمرين الأفراد أو شبكة متّحدة من الأفراد تحت هذا الباب؛ لذا يكون التعامل معهم أسهل من أصحاب المرحلة الرابعة.
شركات الاستثمار؛ وهي شركات كبيرة أو صغيرة ولكنها تقوم بالاستثمار معك ككيان وليس كفرد مع فرد وهنا تجد الكثير من التعقيد والعمل الصعب ولكنها مرحلة متقدمة وعادة تكون بعد أن أثبت منتجك نفسه وبدأ بدرّ الأموال واتضح مدى توسّعه وفي العادة تكون هي المحطة الرابعة التي يتّجه إليها الجميع، حتى إنّ المستثمرين الملائكة في المرحلة الثالثة يسعون للوصول دائما لهذه المرحلة لبدء جني الأرباح وذلك ببيع نسبة من حصتهم أو كلّها.
في البداية عليك أن تثبت مدى إيمانك بما تقدّم ومدى شغفك به وإلى أيّ مدى تودّ الوصول، فهل أنت ممن يحبط بسرعة ويشعر باليأس وينسحب في منتصف الطريق؟
فاصل ومن ثمّ نواصل في المزيد من التفاصيل في كيفية إثبات نفسك وكيف تستطيع إيجاد المستثمر المستعد للاستثمار في مشروعك.
الجزء الثاني من هنا (http://www.badwi.com/blog/?p=1296)