تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
724 كلمة 5 دقيقة


في الجزء الأول من هذه المقالة – يمكنك قراءتها من هنا – كنتُ قد ذكرتُ عبر الشبكات الاجتماعية بأني لن أكمل الجزء الثاني حتى تصل القراءات إلى 2000 قراءة ولكن للأسف حتى الآن وصلت فقط إلى 1700 وهو رقم قريب وجيد جدا بالمناسبة ولديّ عدة مواضيع للكتابة عنها لذا سأكمل هذا الجزء.

اتفقنا في الجزء الأول بأنّ المستثمر الذي يودّ الاستثمار معك يستثمر بك أنت وليس منتجك في الغالب لذا غيّرنا السؤال من (ماذا عليّ أن أقدّم) إلى (ماذا عليّ أن أثبت) حتى أقنع المستثمر بالمخاطرة معي في مشروعي.

أهمّ نقطة لدى المستثمرين ممن واجهت هي مدى تركيزك في هذا العمل، ولذا دائما ما يفضّل الشخص المتفرّغ لأنّ كلّ وقته لهذا العمل وإن لم يكن هذا الشخص مستعدا للتضحية براتبه أو بوظيفته فكيف للمستثمر أن يخاطر بالتضحية بمبلغ كبير معك؟ ببساطة ضع نفسك مكانه، هذه النقطة قد تكون نقطة خلاف لدى الكثيرين ولكن الخروج منها يكون بالنقطة التالية.


ماذا لديك حاليا؟ أي هل لديك نموذج أوّلي وما مدى قرب نجاحك؟ هل الأمر مجرد فكرة؟ لا تقلق إن كان الموضوع مجرد فكرة فقد تستطيع أن تقنع مستثمرا في القسم الأول (العائلة والأصدقاء) بسهولة ولكن لتستطيع أن تقنع غيرهم وأنت ما زلت صاحب فكرة فيجب أن تكون لديك محاولة سابقة وناجحة فكثير من مؤسسي المشاريع الناجحة أو السابقة وجدوا مستثمرين في فكرة جديدة قبل أن يثبتوا أيّ شيء لأنّ لديهم تجربة سابقة ناجحة.


ماذا يعني نموذج أوّلي ؟ وكيف لي أن أبنيه؟ النموذج الأوّلي يعني نسخة مصغرة وغير نهائية من عملك وبما أنني من خلفية تقنية وبرمجية فسأتحدث عن البرامج والتطبيقات والمواقع والتي هي عبارة عن أسطر كود والتي لا تتطلب الكثير من المال لبنائها فهو عبارة عن كود تقوم بكتابته في حال كنت مطوّرا أو تصميم في حال كنت مصمّما ويمكنك أن تعمل عليه في وقت إضافي في حال كنت على رأس العمل حتى يخرج ومن ثمّ تعرضه على مستثمر للتفرّغ لهذا العمل لاحقا.

في الغالب النموذج الأوّلي سيكون يعمل بشكل كامل ولكن بخصائص قليلة أو بتصميم ليس بجميل مثلا أو نموذج التربّح لا يكون واضحا والمهم أنّه يقدّم قيمة أو يحلّ مشكلة أو له حاجة لدى الناس.


عندي فكرة فماذا أفعل؟

في حال كنت مبرمجا وباستطاعتك العمل على فكرتك فقم مباشرة بالعمل عليها بل وأطلقها وابدأ في استقطاب الناس فكل هذا من صالحك ويزيد من قوتك ومن نقاط إقناعك لمن سيستثمر معك بل ويضعك في موقف قوة للتفاوض على نسبة كبيرة.

في حال لم تكن مبرمجا فعليك أن تستثمر أنت بنفسك وأنصحك أن لا تبحث عن فريق عمل – شركاء- في البداية لأنّ هذه مشكلة كبيرة على الأقل في عالمنا العربي فالالتزام ليس متواجدا بكثرة وهنا أفضل طريقة هي أن تكتب فكرتك وترسمها وتخططها على ورق ومن ثمّ ابحث في المواقع التي تقدّم خدمات (العامل المأجور بالساعة) أو ما يسمى (فري لانس freelance) وابدأ معه وخلال هذه العملية ستتعلم الكثير وستخرج بنموذج أوّلي تستطيع في حال أقنعت مستثمرا به أن توظف مبرمجين للعمل على هذا المشروع أو حتى وقتها قد تجد من هم مستعدون للعمل معك كشركاء أو ضمن فريق العمل والتضحية من أجل هذه الفكرة.

مما سبق علينا دائما أن نثبت بأننا نستطيع تنفيذ الفكرة أولا وذلك يكون أسهل في حال كنت تملك نموذجا أوليا وفي عالم التقنية والإنترنت فإن النموذج الأولي غير مكلف فكل ماتحتاجه هو كتابة الكود وتنفيذه على الإنترنت وبعد ذلك عليك أن تضع نموذجا واضحا للتربّح أو التوسّع حيث يكون لديك هدف واضح إلى أين تودّ أن تصل.

فمثلا موقع تويتر كان لديه نموذج تربّح عبر رسائل الجوال ولكن ربما لم يعمل أبدا على هذا النموذج وبدأ في التركيز على النمو والوصول لعدد مستخدمين كثر ومن ثمّ وصل إلى نماذج جديدة للتربّح.

عليك أن تثبت نفسك أيضا على المستوى الشخصي عبر مساهمتك في المجتمع الذي تكون فيه فأنت علامة تجارية يجب أن تظهر وتسوّق لنفسك لكي يسمع عنك الناس وعندها عندما تجهّز نموذجك الأوّلي فبالتأكيد فرصك ستكون أكثر لأنّ وصولك سيكون أسرع وتسويقك لفكرة من إنتاجك هي مجرّد منتج من علامة تجارية هي أنت.

ماذا لو كنت بدأت فعلا في جني الأموال من مشروعك حتى لو كانت قليلة؟ فهذا أيضا سيكون سببا قويا لإقناع المستثمرين، ماذا لو كانت لديك خطة بديلة في حال الفشل لا سمح الله أو خطة لكيف يمكن تحويل المشروع إلى مشروع آخر بالاستفادة مما تمّ بناؤه حتى الآن فكل هذا يعطيك المزيد من نقاط القوة والإقناع.

في النهاية، إن لم تقم أنت بالتعب وإثبات نفسك فلا تنتظر أن يثق أحد بما لديك ويستعدّ للتضحية بأمواله لدعمك، فللأسف الكثير يتصل بي ويخبرني بأنّ لديه فكرة وهو لم يقم حتى بكتابتها على ورق لتوضيحها وهنا أخبره للأسف أنّ ما لديه هو مجرّد حلم عليه أن يستيقظ منه ليبدأ بتحقيقه.