لقراءة الجزء الاول من قصة موقع PayPal اضغط هنا في
الجزء الأول توقفنا عند المنعطف الأول من حياة بطل القصة و الشريك المؤسس (ماكس) حيث أنهى تطبيقه الأول المخصص للحوالات المالية الالكترونية على أجهزة المساعد الرقمية (PDAs) و المعتمد على المكتبات الأمنية الذي حاول منذ البداية في تسويقها و لم ينجح. انتشر البرنامج الخاص بالحوالات على الأجهزة الكفية حتى تعدى عملائه (10 ألاف) عميل, وبدئت الناس تقبل عليه بشكل كبير و الكل كان يسأل (ماكس) عن سر نجاح هذا التطبيق وخصوصا و في قرارة نفسه يعلم بأن التطبيق سيء من ناحية الشكل و الوظائف و المرونة ,إلا أن وظيفته الرئيسية كانت تؤدى على أكمل وجه , ألا و هي حماية العمليات المالية وعدم إمكانية التلاعب بها أو تزويرها و بهذا يؤدي غرض وضع المال داخل الجهاز الكفي. في ذلك العام (1998) كان الكثير من الشركات مازالت تشكك بجدوى الانترنت حتى أن (بيل جيتس) صاحب الشركة العملاقة (مايكروسوفت) لم يقتنع بجدوى الانترنت قبل ذلك العام بكثير و كأنه فاق من غيبوبة و أكتشف بين ليلة و ضحاها بأن العالم كله يتوجه إلى الانترنت مما جعله ينتج النسخة المحدثة و الثانية لنظام التشغيل ويندوز (Win 98 SE) و كان حجم هذا التحديث أو الرقعة مقاربة لحجم نظام التشغيل ككل حتى أنه يتراءى لي بأنه استبدل نظام التشغيل بالكامل لكي يتحول كل ما فيه إلى عالم الانترنت و ليحمي (بيل جيتس) ماء وجهه. في ذلك الوقت أيضا بدء مستخدمو شركة (eBay) المالك الرسمي حاليا لموقع (PayPal) بالزيادة و بالإحساس بالقيمة التي يقدمها هذا التطبيق مما يساعدهم في انجاز عملياتهم التجارية على الانترنت و قاموا بمطالبة شركة (PayPal) بتوفير التطبيق على منصة ويب ليستفيدوا منه, إلا أن شركة (PayPal) كانت ترفض ذلك و حتى أنها كانت تقاضي من يستغل تطبيقاتها لتسهيل هذه العمليات على الانترنت , و هنا لابد من وقفة وكأن التاريخ يعيد نفسه ففي منتصف رمضان لهذا العام 2009 - 1430 كنا في اجتماع مع شخصيات كبيرة من هيئة الاستثمار و هيئة الاتصالات حول الأعمال و المشاريع الصغيرة على الانترنت و كانت المشكلة الأساسية والمعوق الرئيسي عدم توفر المنصة التي تخدم العمليات المالية على الانترنت حتى أن شركة (PayPal) لا توفر دعم استلام النقود في الدول العربية إلا في (دولة الإمارات العربية المتحدة) و قد وعدنا من الشخصيات القيادية في ذلك المؤتمر بأن يكون هناك تخاطب رسمي مع شركة (PayPal) لتدعم السعودية في توفير العمليات النقدية , كذلك الحال و في نفس المؤتمر و الذي كان أحد المتحدثين فيه (محمد الزعبي) أحد ممثلي شركات رأس المال الجريء (VC) و الذي اقترح أن هذه المشكلة قد تكون فرصة لبدء شركة عربية توفر هذه الخدمة. بالعودة لقصتنا , عند الضغط الكبير على شركة (PayPal) من المستخدمين لتوفر منصتهم لخدمة الويب قاموا بإنشاء منصة ويب تعتمد على خبراتهم الأمنية و كانت لمجرد (اللعب) نعم هذا ما صرحو به, كانت منصة وهمية فقط من أجل التسلية و هذا ما تقوله الشركة , إلا أني أقول غير ذلك , فطبيعة بعض الناس أن يتخفى وراء ما يقوم به بحجة أنه للتسلية أو لمجرد التجربة من أجل تشتيت الانتباه عنه أو لكي لا يشعر بالخجل في حال فشل ما يقوم به , وإلا فشركة كهذه كيف لها أن تجد الوقت من أجل اللعب و التسلية؟ , وهذا بالتأكيد ما أتوقع أن شركة (PayPal) قد فعلته فلعلهم قالوا فلنجرب حظنا على إنترنت و إن فشلنا فهانحن نلعب و نتسلى و إن نجحت فنكون من السابقين , و بالفعل نجحت المنصة باستقطاب الآلاف حتى أنهم و في البدايات بدئوا بتلقي ما يزيد عن 300 طلب جديد يوميا لمشتركين جدد و بعد أن تأكدوا من مناسبة الانترنت لبداية عملهم بدئوا في تأسيس النظام و توفيره على منصة ويب لخدمة الانترنت. من مبرمج يهوى التشفير و العيش بين الكود إلى مبرمج تطبيقات مصرفية , نعم قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن و لكن الرياح التي أصابت سفينة صاحبنا كانت رياح خير و بركة و أرست به على جزيرة الكنز. بدئت أعمال الشركة بالازدهار بشكل لا يصدق وبدئت المزيد من شركات المال الجريء بضخ المزيد من الأموال لتستطيع هذه الشركة في استيعاب العدد الهائل من المستخدمين و الذي وصل حتى اليوم إلى أكثر من (180) مليون عميل ما زال نصفهم تقريبا عملاء فاعلين! يا ترى ما هو سر ولاء العملاء أو سر تميز الشركة , لربما أنها أشبعت حاجة و خصوصا بعد شرائها من قبل شركة (eBay) -و الذي أنوي أن أتحدث عنها في مقالات لاحقة إن شاء الله - , حيث أن موقع المزادات (eBay) كان بحاجة لخدمة قوية من هذا النوع و بعد شرائها لشركة (PayPal) قامت بتفصيلها خصيصا على مقاس عملائها مما استقطب المزيد من العملاء ,كما أن السر الكبير الذي جعل الشركة تنجح برأي الكثيرين ,هو سهولة إرسال و استقبال الأموال , حيث أنه و من السهولة أن تستقبل الحوالات المالية و حتى إن لم تكن تملك حسابا فيها ! أو في حال لم تسمع عنها من قبل! كيف؟ لربما هو السؤال , نعم يمكنك أن ترسل المبلغ الذي تريد إلى أي عنوان بريد الكتروني (غير عربي) و سوف تصل للمتلقي رسالة تفيده بأنه تلقى هذا المقدار من المال و في حال موافقته ما عليه إلا إتباع الخطوات البسيطة المشروحة بالرسالة و التي بالعادة تبداء بالضغط على وصلة التأكيد. خلال مسيرة بطل قصتنا الخبير في الأمان و الحماية هناك الكثير من العقبات و لعل أهمها عندما بدء توفير الخدمة المالية على الانترنت حيث أن شركائهم من قطاع البنوك حذروهم من مغبة التعاملات البنكية على الانترنت و عن الخطر الكبير من الاحتيال و النصب و الجرائم الالكترونية , إلا أن جواب صاحبنا بطل القصة (ماكس) أذهل الجميع عندما سئل ببراءة الأطفال و ما هو الاحتيال ؟ لعل الكثير ممن حضروا ذلك الاجتماع شعروا بأن الغرور هو سبب تلك الإجابة إلا أن الحقيقة غير ذلك فلم يكن (ماكس) يعلم مدى تفشي جرائم الانترنت حتى وقع في هذا الكمين خلال الفترة الأولى من حياة الشركة حيث وصلت خسائر الاحتيال إلى ما نسبته (1%) من حجم تعاملات الشركة و بدئت بالزيادة حتى كادت تصل إلى (10%) و كانت تتسبب في خسائر تصل إلى عشرة ملايين دولار شهريا إلا أن (ماكس) لم يوصي بإيقاف النظام و لكن حاول التصدي له بشتى الطرق فقد قامت شركة (PayPal) بتوكيل المهمة لـ (ماكس) و الذي بدوره بدء في البحث و توظيف الكوادر الفنية المتخصصة حتى أنه وصل به الحال لتوظيف فريق يقال أنه وصل إلى (30) شخص فقط لمراقبة و ملاحقة المجرمين و الاعتماد على العقل البشري كمساعد للخوارزميات الآلية للإطاحة بالمجرمين أو لتقليل عمليات الاحتيال أو على الأقل لاسترجاع بعضا من هذه الأموال . ومن الطريف ما يحكيه (ماكس) حول هذا الفريق بأنه و بأحد الأيام دخل على أحد أفراد الفريق الأمني ووجده غائصا بين كومة كبيرة من الأوراق المطبوعة و عند سؤاله أجابه بأن كل هذه الأوراق لقضية واحدة فقط , و عندها انتبه لذلك ,بأن هناك الكثير من الأموال تذهب في توظيف هؤلاء بالإضافة إلى مصاريف الطباعة و الأوراق في متابعة قضايا قد تصرف عليها أكثر من قيمتها ,ففكر في فض هذا الفريق , و خصوصا بأن العمليات لا تتعدى (1%) و لكنه تراجع عن هذا القرار و عكف هو و فريق متخصص لبناء نظام جديد يساعد في الكشف عن المجرمين و ملاحقتهم مما جعلهم يقوموا بشراء شركة أخرى متخصصة لها تجربة لربما أقدم في مجال التحويل المالي الالكتروني و التي تذكر بموسوعة (ويكيبيديا) على أنها شركة (x.com) و لم أستطع زيارتها لان الموقع محظور في السعودية و لم أعد ادري ماهي دلالة (X) هل هو اسم الشركة أم هي كناية عن (مجهول) لكي لا يتم الإفصاح عن اسم هذه الشركة. و لعل من الأسباب الرئيسية وراء الاستثمار في شركات أخرى وزيادة الكادر الفني ,كان بأن الشركة على أشراف الدخول في أسواق البورصة (IPO) و خاف من أن يعلم المستثمرين بأن الشركة تتعرض للاحتيال الشهري و الذي يكلفها حوالي (10) ملايين دولار مما يجعلهم يخافوا من أن تزيد هذه النسبة مما يؤثر في قرارهم بالاحتفاظ بأسهم الشركة وهذا بدوره قد يؤدي إلى خسارة الشركة. لعل أهم أحداث قصتنا تنتهي عند شراء شركة (eBay) لها و بدء يذاع صيت الشركة و تضاعف سعرها عشرات المرات خلال فترة قصيرة إلا أن هناك بعض النقاط التي قرأتها عن شركة (PayPal) و التي لم أجد لها مجال خلال سردي القصصي ولكن بها الكثير من المعاني الجميلة ومن أهمها:
- الحر (entrepreneur) هو الشخص الذي يأبى العمل لدى شخص أخر حتى لو لم يكن يملك خطة لتنفيذ ذلك!
- ثقة شركائنا أصحاب رأس المال الجريء فينا هي السبب في نجاحنا حيث أنهم كانوا يدعمونا في كل مرة نفكر فيها في تغيير مسار عملنا
- عندما بدئنا شركتنا كنا نملك على الأقل (6) خطط /مشاريع عمل احتياطية و لم نستخدم سوى اثنتين منها
- منذ اليوم الأول لموقع (PayPal) أخذنا بالحسبان التوسع الكبير الذي قد يحصل – فكيف كان للتسلية في البداية- : )
- أكثر الأيام رعبا لي عندما توقف الموقع لمدة (3) أيام وبدئت الناس تشبهنا بشركة (eBay) و التي خسرت ما يقارب من (20%) بسبب توقفها عن العمل لفترة ,– اسمعي يا شركة الاتصالات السعودية - فرضاء عملائنا من أعلى أولوياتنا, من كان في موقع المرسل أو في موقع المستقبل ,و خصوصا العمليات المالية فلا يمكن أن تحمل غيرك خطاء قد تكون أنت سببه , كأن تخصم مبلغ من هذا أو ذاك!
مقصدي من كتابة هذه القصة: لعل هناك الكثير من العبر و الفوائد بالقصة و لكني أحب أن أركز على موضوع واحد ألا وهو أن هناك فرصة متاحة لمن يود توفير الخدمات المالية الالكترونية و خصوصا شركة (سداد) و التي هي معدة فنيا و إداريا لذلك و لن يأخذ منها الكثير من الوقت لتوفير ذلك لخدمة قطاع الأفراد و الأعمال الصغيرة على الانترنت و لا أعلم إن كانت تعلم شركة سداد أم لا,بأني و غيري الآلاف نشتري من الانترنت شهريا ما مجموعه أكبر مما نسدده على فواتير المرافق العامة التي ندفعها مجتمعة فهل انتبهت إلى النسبة التي قد تحصل عليها !