تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
1065 كلمة 7 دقيقة

في البداية لمن لا يعرف عن موقع (PayPal) فأنه موقع للتعاملات المالية الالكترونية عبر الانترنت و يعد من أكبر المواقع العالمية المتخصصة في هذا المجال مثل (Google Checkout,Wirecard, Moneybookers, 2Checkout,) و قد اشترته شركة (eBay) في أواخر العام (2002) بمبلغ (1.5) مليار دولار لكي تكون خدمة أساسية في التعاملات المالية في مزادات شركة (eBay), في أواخر العام الماضي (2008) أصبح موقع (PayPal) يساوي ما مقداره (60) مليار دولار بزيادة أكثر من 25% عن العام (2007) , هذا مع العلم أن أرباح الشركة في الربع الأول من العام (2009) وصلت إلى (640) مليون دولار بزيادة مقدارها (11%) عن نفس الفترة في العام الماضي و مما يعني ذلك , أن الشركة تتوسع و تزيد في أرباحها بالرغم من تخييم شبح الكساد و الأزمة الاقتصادية العالمية منذ نهايات العام (2008) و هذا لا يعني سوى أن العالم كله يتوجه للإعمال و التعاملات الالكترونية

سوف أروي لكم قصة الموقع من معلوماتي الشخصية التي حصلت عليها من مواقع الانترنت و مما قيل لي و مما قرأت من كتب حول الموقع و قد حاولت تحري الدقة قدر المستطاع في طرحي لتكون هذه القصة إهداء لكل مبرمج و رجل أعمال مبتدئ في بداية حياته

بدايات القصة تعود لنهايات العام (1998) أي ما يقارب من 10 سنوات فقط ! مع بطلنا الشريك المؤسس (Max Levchin) و الذي سوف أرمز له لاحقا باسم (ماكس)

البداية كانت عندما كان (ماكس) متخصصا في ما يهتم بعلوم الحماية و الأمان في دراسته الجامعية و مفتونا في علوم التشفير مهووسا بتحدي فك الشفرات و كسر الحماية مثله مثل أي هاكر (Hacker) أو كراكر (Cracker) في سنه , إلا أنه قام بالتركيز على كيفية الاستفادة من مهارته و توظيفها بدلا من أن تزج به في متاهات و تدخله في مشاكل قانونية , و عندها قرر أن يجرب حظه بزيارة (وادي السليكون) و ذلك حتى قبل أن ينهي دراسته الجامعية , و بمجرد وصوله إلى هناك فكر أنه لربما أخطاء في اتخاذ هذا القرار حيث أنه لم يكن يفكر في الخطوة التالية و لم يكن مستعدا لذلك ماليا حتى أنه افترش الأرض للنوم في أحد شقق أصدقائه ممن كان يعرفهم في وادي السليكون

و خلال تلك الفترة و بينما هو لا يلوي على شيء و أثناء تناوله للطعام في أحد المطاعم لمح شخصا ما مع مجموعة من الأشخاص قد سمع عنه سابقا و أسمه (بيتر ولكنه لم يلتقيه من قبل و ما أن انفض اجتماع الأشخاص حتى تشجع بطل قصتنا و قام بإلقاء التحية على (بيتر) و مبادرته بالحديث المعتاد الذي هو من سمات الشباب المتحمسين في (وادي السليكون) حول أحلامهم ببناء شركاتهم الخاصة بالكمبيوتر وبالتأكيد لعلهم كما أقوم أنا حاليا بالإشارة لقصص نجاح الشركات العملاقة في ذلك الوقت و كيف أصبحت من لا شيء, بعد هذا الاجتماع بقي الاثنان على اتصال دائم و لقاءات تجمعهم فيها نقاشات حول الأفكار و حب الطموح وتشجيع بعضهم البعض

بعد فترة بسيطة من هذه اللقاءات اتفق الاثنان على الاستعانة بخبراتهم لتأسيس شركتهم المتخصصة في الحماية و التي كانت موجهة لخدمة الأجهزة الكفية (PDAs) و المشهورة في ذلك الوقت و المسمى (بالم Palm) حيث لم يكن شخص متخصص في التقنية إلا و كان يملك هذا الجهاز كمساعد رقمي و كمتطلب أساسي من برسيتج و نمط الحياة في سليكون فالي كما هو الحال الآن مع جهاز (iPhone) , انطلقت فكرتهم في توفير إضافات تساعد الناس في حماية معلوماتهم و خصوصيتهم على هذه الأجهزة و ذلك عبر برمجة مكتبات أمنية تمكن المطورين و أصحاب الشركات من الاستعانة بها لبناء تطبيقاتهم عليها و الاستفادة من التشفير العالي التي توفره هذه المكتبات , حيث أن المعالج الصغير و طاقة البطارية الضعيفة التي تملكها هذه الأجهزة لم تكن تسمح باستخدام تقنيات مثل (المفاتيح العامة للتشفير) حيث أن تشفير قوي من هذا النوع كفيل في إفراغ بطارية الجهاز بسرعة عداك عن البطيء الذي قد يواجهه المستخدم و هو ينتظر تنفيذ المهمة المعتمدة على التشفير و ذلك بسبب ضعف المعالجات (Processor)

نعم هذا ما قام به الصديقين بحثوا في السوق جيدا و وجودوا بيئة متوفرة و واسعة و قاموا باستغلال قدراتهم لتوفير حلول و خدمات تشبع هذا السوق , إلا أنهم فوجئوا بعد الانتهاء من هذا الطرح بأن أي من الشركات لم تتبنى فكرتهم فلم تكن لهم حاجة لهذه التقنيات أو هكذا اعتقدت تلك الشركات ! و هنا دعني أتوقف و إياك عزيزي القارئ لبرهة, هل تلاحظ معي نمطا معين لدى كل من بدء من الصفر؟ نعم لقد اقتربت, جميعها تقريبا رفضوا أو استهزئ بهم و كأن الله يختبر صبرهم ليكافئهم , و لكل مجتهد نصيب

بالعودة لقصتنا , لم يتوقف أو يتحطم بطل قصتنا بل فكر في كيفية إيجاد حاجة أو وسيلة تعتمد على ما لديه من مكتبات لكي يقوم بإشباعها فقام ببناء تطبيق متوفر للأجهزة الكفية (PDAs) يمكن الناس من إرسال المال بين بعضهم البعض عبر منفذ الأشعة تحت الحمراء (IRD) و التي كانت متوفرة في هذه الأجهزة للتخاطب فيما بينها , قامت الفكرة على استخدام الجهاز كمحفظة الكترونية يقوم كل شخص بدفع ما عليه من مستحقات ملية و تبادل الأموال الكترونيا عبر إرسال المبلغ أو استقبال المبلغ عبر هذه المنافذ تحت الحمراء , و حول هذه النقطة بالذات لم أجد الكثير من المعلومات التقنية حولها أو حول استعانتهم بطرف ثالث أو كيفية انتشار التقنية , إلى أن ما أعرفه أن بمجرد انتقاله لهذه الفكرة وجد أحد المستثمرين و الذي يطلق عليهم بأصحاب المال الجريء (VC) والذي استثمر مبلغا في هذه الفكرة , وتبناها و قام بتحديد وقت معين لكي يلقي الضوء إعلاميا على هذه التقنية الجديدة و التي كانت ثورة بحد ذاتها وخصوصا في مجتمع مهوسي التقنية و الذين لديهم حب لهذه الأشياء و خصوصا أنها أحد أحلام الخيال العلمي.

لم يكن الأمر سهلا على (ماكس) فقد قام بالعمل ليل نهار على توفير النسخة الأولية للعرض قبل الزمن المحدد و الذي سوف يتم عرض هذه التقنية فيه على مؤتمر صحفي و سوف يراه كل الناس , فلا مجال للخطاء , مما زاد التوتر لدى صاحبنا و لكنه لم يستسلم حتى أنه و في أخر خمسة أيام من الإعلان لم ينم أبدا و كان يواصل الليل بالنهار حتى ينهي النموذج الأولي لبضعة أجهزة يمكنها العمل كمرسل و كمستقبل من أجل العرض الموعود ,و من شدة قلقه قام مرارا و تكرارا في اختبار تطبيقه و تجهيز عدة أجهزة احتياطية في حال واجهته أي مشاكل و لم ينتهي من النموذج الأولي إلا قبل ساعة واحدة فقط من انطلاق المؤتمر الصحفي !

و كحال كل العصاميين فقد حس بنشوة النصر عندما اختبر نموذجه الأولي و نجح أمام كل هذا الحشد الإعلامي و بالتأكيد إحساسه بالإرهاق جعله يغفوا في أحد الزوايا بعيدا عن الناس حتى أن زملائه و فريق العمل تركوه نائما و رحلوا : )

كانت هذه البداية لمرحلة جديدة في حياة بطلنا (ماكس) و سأقتبس هنا مقولة صديقي (رءوف شبايك) فاصل و نواصل : )

لإتمام الجزء الثاني و الأخير من هذه القصة