الأرشفة الإلكترونية أو كما يسمّيها البعض بالصادر والوارد، أو متابعة المعاملات، أو متابعة المهام، أو تطبيقات سير العمل ما هي إلا مسمّيات لمفهوم وحيد وهو برامج إدارة الوثائق أو ما تسمى (DMS) اختصارا لـ (document management system) وهي تشترك في المفهوم ولكن قد تختلف في الهدف النهائي والوظائف كما هو الحال مع أيّ تطبيق حاسوبي؛ فإدارة الوثائق كنظام أو مفهوم عام يشمل كل ما سبق من تعريفات ويمكن تخصيصه بشكل أو بآخر ليتناسب مع الحاجة أو الوظيفة المحددة التي تريدها في عملك الخاص.
فالأرشفة كمفهوم عام يعتمد على حفظ وتصنيف الأوراق بطريقة يسهل الرجوع إليها ويمكن ذلك عبر خزائن أو رفوف خاصة مع وضعها وترتيبها داخل ملفات أو مجلدات مع تسميتها أو تعليمها بألوان مختلفة تختلف بطبيعة هذه الأوراق.
الآن وبدخول الحاسوب في حياتنا فإنّ العملية أصبحت أسهل وتوفّر المزيد من المرونة والإمكانيات، وسهولة في الاسترجاع والفهرسة والوصول، وبالتأكيد تقليل التكاليف على المدى القصير والطويل، وتقليل الأوراق وتكلفة عملية المحافظة عليها وتكلفة أماكن تخزينها.
التاريخ المعروف لتطبيقات / برامج إدارة الوثائق يعود إلى بداية الثمانينات والتي كانت في الأساس تعتمد على تصوير الوثائق الورقية من أجل تحويلها إلى هيئة إلكترونية على شكل صورة، ومن ثمّ فهرستها وتصنيفها لسهولة الرجوع إليها، ومن هنا فإنّ المفهوم الأساسي كان بتحويل الشكل الورقي الملموس إلى ملفات إلكترونية وحفظها وتسمى هذه المرحلة بأرشفة الوثائق وذلك بتخزينها وحفظها بشكل إلكتروني مع وضع ما يسمى بتعريف أو فهرسة أو (Tags) أو (Meta Data) كوسوم تعريفية لهذه الوثيقة.
بعد ذلك بدأت تدخل المزيد من الوظائف والإمكانيات على هذه التطبيقات للاستفادة من هذه الصور المحفوظة، فليس الهدف هو مجرد الحفظ ولكن يمكن التعامل مع هذه الوثائق لزيادة الفعالية كتحريكها مثلا بين الموظفين والإدارات أو ربطها بالمزيد من الوصوف / الوسوم (Meta data) لتكون كسجل تعريف لكل معاملة / وثيقة / ورقة مدخلة في النظام ويمكن التعامل معها على أنّها وحدة مستقلة، مثلا في حالة الصادر والوارد حيث يتمّ فصل تلك المعاملات الواردة عن تلك الصادرة عن الجهة مع إثرائها بالمزيد من الوصوف والسجلات لمعرفة حالتها أو الإجراءات المتخذة عليها أو الحالات التي يمكن أن يرجع إليها أو ربط الصادر منها بما يتعلق بالوارد أو العكس.
هذه المقالة برعاية برنامج (دوكشيف) لإدارة وأرشفة الوثائق
بعد تلك المرحلة تأتي مرحلة التكامل مع أنظمة أخرى حيث يمكن مثلا ربط تطبيق الأرشفة بتطبيق مستقل للصادر والوارد أو كما هو الحال في الوضع الحالي؛ حيث تكون تطبيقات إدارة الوثائق متضمّنة هذه الوحدة ولكن التكامل يتعدى ذلك ليشمل تطبيقات خارجية، على سبيل المثال تطبيقات إدارة موارد المؤسسات (ERP) مثلا ولنعتبر أنّ التطبيق جزئي مثل تطبيق شؤون الموظفين والذي يحتوي على كل ما يخصّ العاملين في جهة ما وتودّ أن ترتبط بتطبيقات إدارة الوثائق للاستفادة من إمكانية حفظ الوثائق مثلا كحفظ صور شهادات الموظف أو حتى القرارات الرسمية التي تخصه خلال عمله بهذه الجهة.
في المرحلة التالية تأتي عملية المشاركة وتوزيع أو أحقية الوصول لهذه الوثائق، فمجرد حفظها لا يعدّ طموحا إن كان الوصول لهذه الوثائق من قِبل طرف وحيد أو إدارة محددة مثلا ولتكن كإدارات الاتصالات الإدارية كما تعارف على تسميتها والتي تكون مخوّلة في العادة بهذا العمل، ومن هنا يمكن أن تكون هناك أحقية وصول أكبر للوثيقة ضمن جميع أفراد المؤسسة بصلاحيات محددة كلٌّ حسب تخصصه وبهذا يمكن الاستفادة من الوصول لهذه المعلومة أو حتى المشاركة في إضافة المزيد من الوثائق من أجل حفظها في مكان آمن يسهل الوصول إليه أو حتى مشاركتها عبر تحريكها عن طريق الأنظمة للوصول إلى ما يسمى تطبيقات سير المعاملات (Work flow).
في هذه المرحلة من المهم الاعتماد على وظائف الحماية للوثائق سواء من عدم وصول الشخص غير المناسب أو غير المخول لها أو حتى من تغيير أصول هذه المعاملات والتلاعب بها سواء عن طريق الخطأ أو العمد وهنا تأتي الوظائف الأساسية لتطبيقات إدارة الوثائق مثلا (Auditing) التوثيق والتي تُعنَى بتوثيق كافة العمليات التي تتمّ على كل وثيقة مثل مَن اطلع عليها أو قام بتعديلها وغيرها من العمليات التي تمّت من قِبل أيّ مستخدم للنظام له أحقيّة الوصول لهذه الوثيقة، وبما أنّ فترة حياة الوثيقة قد لا تبقى كما هي فإنّ هناك المزيد من الشروحات / الملاحظات أو الأختام أو التواقيع عليها، فهناك عدة إصدارات من هذه الوثيقة خلال فترة حياتها والتي تأتي وظيفة (versioning) أو ما تسمى بتعدد الإصدارات لكل وثيقة والتي تجد فيها عدة نسخ من نفس الوثيقة ولكن بإضافات أو تعديلات عليها، مثلا توقيع إضافي أو ختم أو مرفق على سبيل المثال.
في يومنا الحالي وفي المستقبل القريب بدأ اعتمادنا على الأوراق يقلّ وبدأت تحلّ مكانها المراسلات والملفات الإلكترونية، لذا فإنّ تطبيقات إدارة الوثائق لا تدعم فقط الوثائق الورقية التي حُوِّلَت إلى صور بهيئة إلكترونية لتكون بصيغة ملفات إلكترونية بل تدعم كذلك الملفات الإلكترونية بصيغها المتعددة، على سبيل المثال ملفات مايكروسوفت أوفيس مثل (MS Word أو MS Excel) وغيرها. وبما أنّ هذه الملفات إلكترونية فإنّ هناك المزيد من الخصائص التي يمكن أن تتاح لها.
تقنيات التعرف الضوئي
هذه التقنية والمسماة (OCR) اختصارا لـ (Optical Character Recognition) التي تعني التعرف الضوئي على الحروف وهي تقنية متخصصة في إمكانية تحويل النصوص من شكلها كصورة إلى ملف إلكتروني يمكن تحريره لإيضاح المعنى بشكل أكبر. مثلا عندما يصلك خطاب بالفاكس وتقوم بسحبه عن طريق جهاز الماسح الضوئي لإدخاله في نظام إدارة الوثائق فأنت فعليا قمت بإدخال صورة على الجهاز والتطبيق لا يعرف محتوى هذه الصورة ولا على ماذا تحتوي، لذا كانت هذه الحلول لإمكانية تحويل النصوص في الصور إلى نصوص إلكترونية لإمكانية البحث في محتوى الوثيقة، لذا فإنّ الملفات الإلكترونية مثل (MS Word) هي ملفات يمكن تحريرها ويمكن للأنظمة عبر استخدام أدوات مقدمة من الشركات التي تزود هذه الملفات بإمكانية الوصول إلى محتوى هذه الوثائق والبحث داخلها مما يوفر مرونة أكبر.
هذه المقالة برعاية برنامج (دوكشيف) لإدارة وأرشفة الوثائق
ما هو أفضل تطبيق لإدارة الوثائق؟
هذا السؤال مغلوط فلا يمكن أن تقول ما هو أفضل تطبيق بشكل عام ولكن هناك عدة معايير تحدد ما هو أفضل تطبيق إدارة وثائق بناءً على حالتك ولعل أهمها السعر بالنسبة للبعض، فتطبيقات إدارة الوثائق العالمية والمشهورة مرتفعة السعر بل وتصل إلى مئات الألوف من الدولارات ومشكلة التكلفة لا تتوقف عند الشراء فقط بل تتعدى ذلك في عملية الإدارة والصيانة والتخصيص حيث يتطلب الأمر ثروة كبيرة لا يمكن أن يراها البعض في البداية، فهذه التطبيقات كبيرة ومعقدة وكثيرة الوظائف لمحاولة تغطية كافة حاجات كلّ العملاء، لذا فإنّ إدارتها والتعامل معها يحتاج إلى موظفين مدربين بل ومتخصصين في إدارتها وصيانتها وسيضيف هذا الكثير من التكاليف خلال فترة حياة هذا التطبيق التي في عرف عالم التطبيقات لا يمكن أن يتمّ الاعتماد على تطبيق وحيد مدى الحياة فهناك دائما تغيّرات في الأنظمة أو احتياجات الشركات قد تتطلب من البعض الانتقال من تطبيق إلى آخر وهذا يعني ضياع الاستثمارات الكبيرة التي دُفعت.
لذا فإنّي أنصح الجميع بأن يبحث عن التطبيق المناسب لحاجته أولا عبر تحديد الخصائص التي هو بحاجتها فعلا وليس الذي يعتقد بأنّه يحتاجها أو سمع بأنّها وظائف مهمة، فمجرد أنّها مهمة لا يعني بالضرورة أنّها مهمّة لك أو أنّك قد تستخدمها خلال فترة حياة استخدام التطبيق، فلِمَ تقوم بدفع أموال مقابل أشياء قد لا تستخدمها طوال حياتك؟ بل وقد تحتاج إلى خبراء ليستطيعوا أن يطوّعوها للعمل لك !
كما يجب التنويه أنّ الكثير من الأنظمة تستخدم طرقا خاصة لحفظ الوثائق أو صيغا خاصة ومشفّرة مما تسبب في إشكال كبير عند محاولة الانتقال في المستقبل إلى نظام آخر، فطبيعة التقنية أنّها سريعة التطور وكما هو الحال مع الكثير من الجهات الحكومية التي تعاملت معها فإنّها كانت تستخدم طرقا قديمة مثل (مايكرو فيلم) في عمليات الأرشفة ومن ثمّ انتقلت إلى نسخها على وسائط تخزين خاصة لم تعد متوفرة ولا يوجد لها أيّ دعم؛ حتى إنّ بعض شركاتها المورّدة أقفلت أبوابها فأصبح هذا الأرشيف بلا فائدة وهو قد كلّف ثروات لحفظه.
هناك بعض الخصائص الأساسية التي تجمع بين تطبيقات إدارة الوثائق والتي يمكن أن تعتمدها كأساس والتي مررنا عليها مثل:
- مسح الصور ضوئيا وأن تكون هذه الملفات المحفوظة بمعايير عالمية مفتوحة مثل (TIFF أو PDF) والتي توفر إمكانية تعدد الصفحات في ملف واحد وتكون بشكل محمول أو ما يسمى (Portable) والتي يمكن أن تنقل من جهاز إلى آخر مع إمكانية استعراضها.
- أن يمكن للنظام أرشفة الوثائق الإلكترونية والتعامل معها وليس الاكتفاء بتحويل الوثائق عن طريق الماسح الضوئي.
- إمكانية فهرسة الوثائق عبر الكلمات المفتاحية (Profile أوTAGS أو Meta Data)مع إمكانية تخصيص حقول الوصوف مع ما يتناسب مع نوع الوثيقة والهدف منها أو بحسب توجه الجهة مثلا الوصوف الخاصة (بالعقود) تختلف عن الوصوف الخاصة بوثائق (الشهادات).
- دعم الشبكات وتعدد المستخدمين لإمكانية الوصول مع عدة مستخدمين في نفس الوقت بناء على الصلاحيات المعطاة لهم.
- دعم تعدد الإصدارات (versioning) لكل وثيقة لإمكانية حفظ تاريخها وتطورها.
- دعم التوثيق (Auditing) الذي تمّ على كل وثيقة من فتح وقراءة وأيّ عملية تمّت عليها بأيّ تاريخ ومن أيّ مستخدم.
- أن تكون هناك إمكانية لدعم الوصول من الويب أيّ بواجهات مصمّمة للعمل على الويب لسهولة الوصول السريع وقلة الحاجة للتحميل والصيانة على الأجهزة المختلفة.
- أن تستخدم قواعد البيانات المعيارية مثل (ORACLE أو MS SQL) حيث لا يتمّ التقيّد بنوع واحد من قواعد البيانات مما يعني تكلفة إضافية.
- أن تدعم خصوصية المستخدم المحلي مثل دعم التاريخ الهجري وتعريف واجهة المستخدم باللغة العربية واللغة الإنجليزية.
هذه المواصفات القياسية تساعد في أرشفة الوثائق مع إمكانية البحث والوصول إليها، أما ما تبقى فيمكن البحث عن الحاجة الفعلية لهذا التطبيق فمثلا يمكن أن يضاف تطبيق إدارة المعاملات أو ما يسمى بتطبيق الوارد والصادر أو الاتصالات الإدارية حيث يتمّ تحريك هذه المعاملة للجهات المعنية داخل الجهة.