يستشيرني أصدقائي عند رغبتهم الدخول باستثمارات في بعض المشاريع الريادية التقنية للنظر فيها بعيني الخبير التقني، لتقييم حجم العمل والجهد المبذول، وتوضيح أي ديون تقنية قد تحصل بالمستقبل، ومدى إمكانية التوسع، وان كانت التقنية المستخدمة في مكانها الصحيح، وفي تأمين التقنية من ناحية (الملكية الفكرية) ومن ناحية (الأمن السيبراني) وغيرها.
كل ما سبق يمكن لأي (CTO) خبير قد سبق له العمل في عدة شركات بأن يستطيع أن يقوم بذلك بنسب متفاوتة بحسب خبراته، ويغيب عن الكثيرين بأن الفرصة الاستثمارية ليست فقط (منتج تقني جيد)، وإن كانت عاملا مهما جدا، ولربما كانت سببا في نجاح الشركة من عدمها، وخصوصا بسبب شح المهارات التقنية الخبيرة التي تستطيع فحص المشاريع التقنية بشكل (360) درجة.
بعيدا عمن يرى الفرصة بالفكرة فقط والذي يعتقد بأن الفكرة هي الأساس، هذ لا يعني بأن الفكرة لربما تكون عاملا لنجاح المشروع، ولكنه عاملا بسيطا وقليل التأثير، كون التحول الرقمي يطال كل صغيرة وكبيرة في حياتنا اليوم، فلم تعد الفكرة مهمة إذ أن مجرد تفعيل التقنية في أي بزنس عادي يعد فكرة قابلة للنجاح والتوسع بحد ذاتها.
فحص الفرصة الاستثمارية يتطلب تمحيص وبحث على عدة محاور مثل دراسة السوق والمنافسين وكيفية تطوير الأعمال وإدارة وتجانس فريق العمل والمؤسسين والشركاء وكل أصحاب المصلحة، بالإضافة الى التشريعات والقوانين وغيرها من الأمور، التي هي ليست محل حديثي اليوم.
قبل سنوات عرض علي أحد رواد الأعمال فرصة استثمارية في مشروع لتوصيل طلبات البقالة للمنزل (المقاضي)، الشبيه بتطبيق (Getir) التركي الأصل والذي وصل للعالمية أو مثل تطبيقي (نعناع) وتطبيق (نينجا) في السعودية، من أهم الأمور التي أبحث عنها هو الوضع الحالي للعمليات والتي يمكن البناء عليها الكثير التحليل، وكالعادة أصحاب التطبيقات يتحفظون بعرض الأرقام ولكني كنت أستطيع معرفة الرقم ببساطة وبعد أن أقوم بعمل دراسة سريعة أعود لصاحب الفرصة أو التطبيق بأرقام تقريبية، وكانو يتفاجؤون من معرفتي لهذه الأرقام، لم أفشي سابقا سر كيفية معرفتي لهذه الأرقام، حتى مر على ذكرها في بودكاست (السوق) قبل أيام معاذ خلفاوي عندما ذكر قصىة كيف كانت اوبر تدرس التطبيق المنافس كريم، فلذا قد حان الوقت لأفشي السر بدوري :)
سأكشف لكم عن سر بسيط استخدمته لمعرفة أرقام مبيعات التطبيقات التي أدرسها وبهذا سيستفيد من يود منكم تقييم تطبيق ما، الطريقة ببساطة عبر رقم الفاتورة التسلسلي، إذ أن الرقم العام في الغالب هو مجموع العمليات منذ بداية الفوترة لهذا التطبيق, هذا أولا، الموضوع سهل أليس كذلك :)
وثانيا وخلال 3 دقائق يمكنك معرفة متوسط العمليات اليومي اذ أنك لو قمت بطلب الخدمة الساعة (00:01) في بداية اليوم ولنقل بأن رقم الفاتورة كان (4356) ومن ثم طلبت الخدمة في نهاية اليوم (23:59) وكررت ذلك مرة أخرى في اليوم التالي سيظهر لك الفرق بين الرقم الجديد مثلا (4370) والرقم السابق مثلا (14) عملية. وبهذا تستطيع معرفة حجم العمليات اليومي، أو يمكنك تحديد أيام محددة مثل نهاية الأسبوع، وإن قمت بتكرار ذلك بعد أسبوع فقط لمرة واحدة سيظهر لك الإجمالي في أسبوع، وبهذا ستعرف متوسط المبيعات اليومية بالقسمة على عدد أيام الأسبوع.
الان لديك معرفة بمتوسط عدد العمليات التقريبي، بعد ذلك قم بتقييم رحلة العميل في طلب الخدمة نفسها، والأهم هي تجربتك كعميل ما بعد طلب الخدمة، وكيفية تعاطي مزود الخدمة معك، حاول أن تتقصد بأن تضع معلومة مغلوطة أو طلب تعجيزي أو سيناريوا تعتقد بأنه غير مغطى في التشغيل، لترى كيف يتفاعل معك مزود الخدمة وجودة الدعم الفني وخبرته التي من المفروض أنها بنيت على التعامل مع عملاء في مواقف مثل هذه.
في تجربتي السابقة استطعت فيها أيضا بأن استنطق فريق الدعم الفني وفريق التوصيل بصفتي عميلا ببضعة أسئلة قد تبدوا بديهية أو عادية ولكنها أعطتني فكرة كاملة عن كيفية قيام الشركة في عمليات التشغيل وحجم الفريق ومدى نضوج العمليات اليومية وهنا أستطيع أن أقيس إن كان هناك مجالا للتوسع فيها.
إن كنت تود أن تعرف قراري فلقد كان بالاعتذار لرائد الأعمال عن امكانية الاستثمار بالفرصة المعروضة، فالأرقام تظهر وجود مشكلة كبيرة في العمليات وكيفية تبخر الأموال للقيام بأعمال يمكن أتمتها أو تحسينها بالتقنية، وبالنقاش مع رائد الأعمال وطرح بعض الحلول عليه كان هناك مقاومة منه للتغيير ، مما يعني بأن رائد الأعمال يريد أموالي فقط، ولا يريد خبرتي والتي يجب أن أقوم بإضافتها لأحافظ على أموالي وأنميها عبر تطور الشركة ومساعدتهم في نجاحها.
ملاحظات:
- أحد متطلبات المشرعين وإدارات الالتزام بكثير من الدول, ضرورة تشفير رقم الفوترة, وخصوصا في مجال التقنية المالية, إلا أن البعض مازال لايقوم بذلك بشكل صحيح أو أنه يقوم باصدار فاتورة ضريبية منفصلة تظهر رقم الطلب أو تسلسله.
- هذه الطريقة أستخدمها أيضا في المطاعم ومحلات التجزئة فتطبيقات الفواتير المطبوعة تعطي أيضا أرقام تسلسلية.
- كما أن هذه التدوينة كشفت هذا السر البسيط والذي أجزم بأنه أيضا أحد أكبر الثغرات الأمنية من ناحية كشف خصوصية بيانات العملاء, وخصوصا عند توفير خدمة عرض الفواتير (Online) والتي يمكن عبرها تخمين الرقم التسلسلي ومن هنا تصلنا أحيانا رسائل احتيالية من شركات الشحن في وقت طلباتنا الفعلية مما يزيد اللبس علينا.