من أساسيات دورة الاقتصاد أن يقابل ارتفاع التضخّم ارتفاعاً لأسعار الفائدة بهدف كبح جماح التضخّم، وذلك لتجفيف (النقد) الكاش من الأسواق عبر توجيه رؤوس الأموال نحو البنوك التي بدورها تبحث عن الفائدة العالية والمخاطر المتدنّية مقارنة بالاستثمارات الأخرى، وبالتالي فإنّ هذا يؤدي إلى ركود بسبب قلّة المعروض من الكاش (النقد) في الأسواق.
العالم كلّه متأثّر بعد جائحة كورونا، ولو أنّ منطقتنا ربما كانت الأقلّ تأثّراً بسبب توالي المشاريع العملاقة المُخطَّط لها مسبقا ورَصْدِ ميزانيات خاصة بها، مثل (اكسبو دبي) ثمّ (كأس العالم في قطر) والمشاريع التنموية العملاقة في (السعودية).
وبمقارنة بسيطة عن الصفقات في المنطقة والعالم، فإنّها انخفضت بشكل كبير جدا في عددها وقيمتها في كل ربع سنوي عن الربع السابق له في آخر سنتين.
الكثير من روّاد الأعمال لم يستوعبوا هذا باكراً، بل إنّ البعض ما زال يعيش على صدى الصفقات الكبيرة التي كانت منذ سنتين متأثّرة بعوامل كثيرة لا مجال لشرحها هنا؛ تقييمات خنفشارية وآمال كبيرة، وحرق لرؤوس الأموال بشكل غير مدروس.
مرحلة السّبات
سبحان الله أن جعل في الكثير من مخلوقاته ومنها (الدُّبّ) القدرة على تخزين الطعام على شكل دهون في جسده من أجل مرحلة السّبات، والتي تكون في فصل الشتاء حيث يكتفي الدُّبُّ فيها بالنوم وتقليل استهلاك الطاقة حتى يتخطّى مرحلة الشتاء بعد فَقْد الكثير من الدهون ليبدأ من جديد في فصل الربيع.
حان الوقت لروّاد الأعمال أن ينهجوا هذا النّهج عبر تقليل الصّرف وتخفيف الترهّل في شركاتهم من أجل تخطّي فصل الشتاء القارس الذي يمرّ به العالم، وإلّا فإنّ مصير شركاتهم هو الفشل، ليس لعدم كفاءتها ولكن بسبب الشتاء القارس الذي لا يمكن تخطّيه بممارسة نفس الممارسات في أوقات الوفرة.
ختاما، نصيحتي لروّاد الأعمال بأن يقوموا بإجراءات أشبه للدخول في فترة سبات، والثّبات والنّجاة من مرحلة قد تطول بعض الشيء، والقبول ببعض التنازلات والتضحيات الضرورية حتى تنجو شركاتهم من هذه الفترة العصيبة على الجميع.