قيل أن من لا يتقن التعامل مع الحاسب في القرن العشرين يعتبر جاهل – غير متعلم – كما قيل إن الفرد في القرن العشرين لا بد أن يتقن لغة برمجة واحدة على الأقل – و هذه مبالغة – كما قيل أن المتشرد في القرن العشرين ليس لمن لا بيت له بل لمن لا يملك موقعا على الانترنت.
سوف أخبرك خلال هذه السطور لماذا أنت بحاجة إلى بناء موقعك الشخصي على الانترنت , بل أنه أصبح من الضروريات في حياتنا اليومية و قد يكون الموقع بأي شكل من الأشكال و قد يتعارف عليه بمسمى مدونة في أيامنا هذه
معلوماتك الشخصية
قبل فترة و عند انتقال أهلي من بيتهم أ رسل لي أبي صندوقا كبيرا مليئا يحتوي على كل ما يخصني و قد تركته لديهم عندما انتقلت إلى بيتي الخاص, و عند التفتيش بهذا الصندوق عثرت فعلا على الكثير من الذكريات الرائعة و الممتدة من المرحلة الابتدائية و حتى ما بعد التخرج , ووجدت صدفة جهاز وكمان – جهاز تشغيل اسطوانات – بين أغراضي و لا أذكر أني اشتريت يوما من الأيام هذا الجهاز و عندها تذكرت و أنه و بالمرحلة المتوسطة قد قمت باستعارته من أحد أصدقائي و كما أذكر بأني قد أعدته له و أن صديقي أنكر ذلك بعد فترة مما تسبب لنا بالخلاف و عدم الحديث لبعضنا البعض, هاهو الجهاز لدي فعلا و أنا المخطئ فبدئت في الرجوع إلى دفاتر العناوين التي لدي لعلي أجد رقما للاتصال به لأعيد له الجهاز و أقدم اعتذاراتي و بعد جهد جهيد و صلت لرقم و بعد الاتصال به أفادني متلقي الاتصال بأن الأشخاص الذين كانوا يقطنون في هذا المنزل قد تركوا البلاد و عادوا إلى بلادهم الأصلية منذ فترة طويلة و بأنه لا يملك طريقة للاتصال بهم.
هذه القصة قد حصلت معي كثيرا بطرق متنوعة – انعدام وسائل الاتصال- و أعتقد أنها حصلت معك أنت أيضا, فكم من مرة تحتاج للاتصال بصديق أو حتى قريب و تجد بأن هاتفه قد تغير, فماذا لو أحتاج للاتصال بصديق لم أره منذ فترة طويلة و مازال في البلاد و بعدها أكتشف بأنه قد غير رقم هاتفه و عنوانه لربما استطعت في بعض المرات القليلة بالرجوع إلى خدمات دليل الصفحات الصفراء – دليل الهاتف السكني – و أجد الهاتف الجديد إلا انه و كثيرا من الأوقات لا أجد ضالتي فما بالك لو قام هذا الشخص بالسفر إلى بلد أخر و قد يكون غير معلوم لي فكيف أستطيع الاتصال به
و تأتي أول فائدة من فوائد بناء موقعك على الانترنت ألا و هي أن تقوم بتحديث بيانات الاتصال بك دائما على الانترنت فقد تضع كل معلوماتك الشخصية بما فيها رقم هاتفك أو قد تكتفي بالبريد الالكتروني أو حتى نموذج للاتصال بك و بهذا فأنت تترك دائما طريقة للاتصال مهما غيرت مكانك أو عناوينك أو حتى بلدك و ببساطة لو استخدمت أي محرك بحث و بحثت عن الشخص المطلوب فأعتقد بأني سوف أصل إليه بسهولة.
أخبارك الشخصية
قبل فترة بعيدة قابلت صديقا لي صدفة في الطائرة لم أره منذ بضع سنوات , و قد أتى حظي أنه كان بجانبي بالمقعد , و بدئنا في الحديث عن الذكريات و عن السؤال عن الأهل و الأحباب و قبل أن تقلع الطائرة قمت بسؤاله في سياق الموضوع عن أخبار والده !, فتغير وجهه منقلبا من السعادة الشديدة لتقابلنا إلى الحزن الشديد متمتما ببعض الكلمات و الذي فهمت منها بأن أباه قد توفي منذ سنتين بعد أن الم به مرض عضال دام لأكثر من سنتين , في تلك اللحظة تمنيت لو أن الأرض انشقت و بلعتني أو لعلي اختفي عن عينيه على الأقل , فمن المفروض أني كنت من الأصدقاء المقربين , بل و للأسف فأن بيته لا يبعد عن بيتي سوى كيلومتر واحد أي أنه بنفس الحي , و لا أعلم أن أباه توفي بل و لم أكن هناك في ذلك الوقت العصيب لأعزيه و بدئت في لوم نفسي طول الرحلة الممتدة على ساعتين هذا غير طريقة الحديث التي تغيرت فيها نبرات صوتي من شدة الخجل.
لو كان لهذا الشخص موقعا خاصا على الانترنت لكان قد وضع به أخباره الخاصة و إعلانه عن المناسبات الخاصة التي قد تحصل معه (زواج – ولادة – وفاة لا سمح الله – تخرج – انتقال من العمل... الخ) و يمكن لي أنا بتجميع وصلات خلاصات مواقع أصدقائي بخدمة (RSS) و ربطها داخل تطبيق قارئ للخلاصات و ما أن يتم إضافة أي جديد في أي من مواقع أصدقائي فان هذا التطبيق سوف يعلمني عنه مباشرة بل و يعطيني مختصرا عن الموضوع دون الحاجة إلى أن أقوم بزيارة كل مواقع أصدقائي يوميا لأعرف ما الجديد , و هذا أيضا يوفر لكل شخص طريقة إعلامية لكل من حوله دون أي عناء أو نسيان أي شخص فالمهتم بأخباري سوف يجدها على الانترنت.
الهوايات
تناولت أولى أكواب القهوة بالحليب لي عندما كان عمري 5 سنوات و ذلك في بيت جدي - رحمه الله - و ذلك عندما كانت جدتي تعد له القهوة التركية مع الحليب صباح كل يوم , و قد أعجبني ذلك الطعم المر المخفف في الحليب و بعدها بعقد من الزمان , انتشرت المقاهي في مدينتي و التي أتت بمشروب خرافي أسمه (كابتشينو) و بدئنا في الاعتياد عليه بل و بدئت تلك المقاهي بالتفنن بصنعه لتجذب زبائن جدد و لكن لا يوجد الكثير لكي تتنافس به فالعناصر الأساسية هي (حليب – سكر – ماء - قهوة) , فبدئت بعض هذه المقاهي بالتفنن بالرسم على الرغوة الخاصة بالحليب في أعلى كوب الكابتشينو , و بتمازج لون القهوة البني مع اللون الأبيض الخاص بالحليب يتم رسم أشكال و رسوم رائعة لدرجة أني أحيانا أود أن لا أشرب هذا الكوب لكي أحافظ على الصورة و أكتفي بالتمتع بالنظر إليه, إلا أنه و بعد انتشار أجهزة الهاتف المزودة بكاميرا رقمية , بدئت في أخذ الصور لهذه الأشكال الموجودة في أعلى الكأس و بدئت كالهواية الغريبة لي
لو سألني شخص عن هواياتي فهل أذكر له من ضمنها (تجميع صور رغوة القهوة) ؟ أقرئها مرة أخرى هل سوف تفهم مقصدي لو لم أحكي القصة السابقة؟ فضلا أقرئها مرة أخرى هل سوف تشك في عقلي قليلا لان هذه الهواية غريبة من نوعها؟
ماذا لو قلت لك أني و عند البحث عن الانترنت و جدت الكثير ممن يشاركوني هذه الهواية بل و قد خصصوا جمعيات افتراضية نوعا ما لعشاق هذه الصور , و لو أني قمت بوضع هذه الهواية أو الصور التي قمت بجمعها لهذه الأكواب لوجدت بالتأكيد و لربما لتعرفت على أصدقاء جدد يشاركوني نفس هذه الهواية الغريبة
فرص أكبر للعمل
أثق تماما أن أي فرصة عمل مهما كانت صغيرة قد تكون طريقا مختصرا لفرصة أكبر , فبالعودة إلى تاريخ حياتي و كيف وصلت إلى المكان الذي أنا فيه لوجدت تسلسلا غريبا , و سوف أبدء من المنتصف لكي لا أشعرك بالملل , عندما بدئت في دراسة علوم الحاسب الآلي توفر لي وقت أكبر للعمل في وظيفة بدوام جزئي مما اضطرني للذهاب إلى سوق الكمبيوتر – حراج الكمبيوتر بالرياض - باحثا عن عمل , و عرض علي في أول محل قمت بسؤاله عن توفر وظائف بأن أعمل لديه بدون مقابل لمدة شهرين حتى أكتسب بعض الخبرة و قد قمت بالموافقة و كلي حماسة , مع أن كل زملائي في الدراسة كانوا ينتقدوني لما قمت به , لأنهم حصلوا على وظائف بمبالغ قليلة نوعا ما ولكنها تساعدهم في مصاريفهم و هم في نفس مستواي من الخبرة, إلا أني و من فرط حماستي عملت لدى هذا الشخص و الذي كنت أدفع له بدلا من أن يدفع لي و ذلك مقابل بعض الأجهزة التي كنت قد أتلفتها بالخطاء وقت عملي لديه و بعد انقضاء الشهرين و عند سؤالي عن الراتب الذي سوف يدفعه لي و خصوصا بأنه قد قام بصرف كل العمالة في المحل و بدء في الاعتماد علي كليا و هذا يدل على ثقته به و بعملي
إلا انه اقترح علي العمل مساء في أحد المعاهد لمدة ساعتين يوميا و سوف يعطيني مبلغا زهيدا مقابل خدماتي عن المعهد و إدارتي الكامل لمحله - قد كان المبلغ لا يكفي حتى لسد ما أقوم بإتلافه - لكي أقوم بالتدريس و قد كان هذا المكان هو نادي الحاسب الآلي , طبعا بعد فترة تركت العمل لدى هذا الشخص و لكني تعرفت على الكثير من الأشخاص في فترة تدريسي في نادي الحاسب الآلي مما ساعدني في الحصول على فرصة اكبر و من بعدها إلى فرصة اكبر و من شخص إلى شخص حتى وصلت لما أنا عليه اليوم.
العبرة من قصتي السابقة أن أي فرصة عمل قد تكون سببا لفرصة أو سبيلا لعمل أكبر فاترك دائما مجالا تعريفيا لمن حولك حول ما تستطيع القيام به فلعلك تجد من يريد الاستعانة بخدماتك , لو كنت مدرسا مثلا في الصباح فقد تقوم بالتدريس بدوام جزئي مساء , و لو كنت مبرمجا مثلي فقد تسند إليك بعض المهام لإنهائها في المنزل , و حتى عندما تنشر سيرتك الذاتية المحدثة دائما فأنك تخبر الجميع ممن حولك من أنت و ما وصلت عليه لعل أحدهم يقوم بالتوصية لك في مكان عمله أو ترشيحك عندما يسمع بوجود فرصة قد تناسبك في مكان ما.
فعالياتك و أنشطتك
عند عودتي من إجازتي الأخيرة كنت قد جمعت ما يقارب الـ (700) صورة للاماكن التي زرتها و قد قمت بتسجيل أكثر من 3 ساعات من الفيديو هذا بالإضافة إلى عشرات القصص و المعلومات عن الأماكن التي زرتها و بمجرد وصولي بدئ أصدقائي بسؤالي عن رحلتي و عن رغبتهم في مشاهدة الصور و الفيديو و قد كنت أقوم بهذا على الأقل 5 إلى 8 مرات باليوم الأول و باليوم الثاني تعبت فقد كان هذا العمل يأخذ مني وقت كبيرا بل و أن كثرة تكرار القصص أفقدتني الحماسة في سردها و بدئت أتهرب من عرضها , و بعد الإلحاح علي و جدت فكرة بكتابة كل ما جرى لي في هذه الرحلة بطريقة قصصية مع تدعيم هذه القصص بالصور و مقاطع الفيديو و بعدها قمت برفع كافة الصور على الانترنت و أتحتها لكل أصدقائي , و الآن عندما يسألني أي شخص عن رحلتي فببساطة أوجهه إلى مدونتي ليقوم بقراءة و مشاهدة الصور و بهذا يكون قد حفظت وقتي و أخبرت قصصي.
طبعا هذه أحد الفوائد الكبيرة في نشر أخبارك في موقعك الشخصي بل و تستطيع مثلا كتابة دعوة من أجل المهتمين بالقيام برحلة للتخييم في الشتاء القادم معك , أو حتى إخبارهم عن معاملة سيئة تكون قد تعرضت لها من أحد الباعة في أحد المحال , أو تحذيرهم من مشكلة قد وقعت بها لكي لا يقعوا بها و أي أخبار أو قصص قد واجهتك , و ترك مجال للتعليق و المداخلة من قبل أصدقائك على مواضيعك يتيح لك دائما حبل من الود و الذي بدء يقل مع الوقت بسبب انشغالنا الشديد و عدم توفر الوقت المناسب لزيارة أو السؤال عن أخبار الجميع , فيمكن لمن حولك أن يزوروا موقعك لمعرفة أخر أخبارك في الوقت المناسب لهم من أي مكان حول العالم.
خدمة المجتمع
و هذه أهم نقطة من بين النقاط التي ذكرت فكل شخص يحمل رسالة لخدمة الإنسانية و لن أقول خدمة هذا الدين لان خدمة الدين و اجب و يمكن عمله في كل مكان و زمان ولكن كخدمة للإنسانية و خدمة للمجتمع أو على اقل تقدير لتكون سببا في أن يكون العالم في المستقبل مكانا أفضل لأطفالك و أحفادك , بل و من الواجب عليك أن تساعد في زيادة المحتوى العربي المفيد على الانترنت.
ما الذي تستطيع فعله؟ عبر موقعك على الانترنت يمكنك أن تشارك الناس بما تعرفه فمثلا لو كنت محاميا يمكنك أن تقوم بكتابة مواضيع صغيرة تساعد الناس لمعرفة القانون, و كذلك الحال لو كنت طبيبا فلا تنسانا من نصائحك الطبية , و كذا الحال مع المهندس و المدرس و الرياضي و الإداري ... الخ , فكل شخص يمكن أن يضيف إضافة و معلومة و فائدة يمكن للجميع أن يستفيد منها و تكون صدقة جارية كعلم ينتفع به و ثواب في ميزان حسناتك.
تاريخك
من المؤكد أن للمرح مساحة في حياتك و بالتأكيد أنك سوف تضع بعض هذه الأخبار الطريفة و التي حدثت معك في موقعك الشخصي كما أنك سوف تثري مواضيعك ببعض الصور و ببعض القصص الطريفة و التي تشاركتها مع أصدقائك في تلك الأيام, ماذا لو عدت لقراءة هذه المواضيع و التي تعتبر ككتيب لمذكراتك بعد حين, أو ماذا لو قرءها ابنك عندما يكبر أو حتى حفيدك!
و هنا تكون قد سجلت و سطرت تاريخك و تركت أثرا و بالتأكيد قدوة – أتمنى أن تكون حسنة – لمن يأتي بعدك و يخطوا على خطاك.
مشوار الألف ميل
كما قيل أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة و أصعب الخطوات هي الأولى فعليك بالبدء في بناء موقعك اليوم و لربما اكتشفت في نفسك موهبة الكتابة أو حتى استطعت أن تجمع حولك بعض المهتمين بما تقوم به أو لعلك تفيد الناس بعلمك و تكون بذلك قمت بما عليك من زكاة للعلم على الأقل.
إبداء اليوم بقراءة موضوعي السابق (ابن مدونتك اليوم! ) اضغط هنا
تاريخ المقال | طول المقال | تتطلب قرائته |
1949 كلمة | 13 دقيقة |