خلال هذا الأسبوع فقط وصلني ما لا يقل عن 40 طلب - بلا مبالغة - عن طريق البريد الإلكتروني أو الشبكات الاجتماعية أو رسائل الجوال أو حتى عبر اتصالات هاتفية محلية ودولية كلها من طلاب حائرين في أفكار مشاريع التخرج، وكنت دائما أعتذر منهم لعدم تفرغي ولكني اليوم قررت أن أكتب ما لديّ حول الموضوع ليكون مرجعا مفيدا للطلاب بإذن الله.
في البداية أودّ أن أخبركم سرا بأنّ مشروع تخرجي كان مشروعا للمخازن وقد قمت ببنائه بالكامل على (مايكروسوفت أكسس)، نعم لا تستغرب فهذا الشيء في أيامي كان ممكنا :) فمشروع التخرج خاصتي علّمني أشياء كثيرة لم أتعلمها خلال الدراسة، مع العلم بأنّ المشروع في حدّ ذاته أو الهدف الأساسي منه لم يكن يعمل بشكل جيد؛ فالتطبيق كان عبارة عن مخزن بيانات ولا يقوم بعمليات الخصم أو الجرد ولكنه كان بشاشات جميلة وجذابة وملفات المشروع كانت احترافية مما جعلني أحصل على إعجاب المشرف على المشروع وبما أنني أول طالب أنهى المشروع والذي أخذ مني خمسة أيام عمل فقط جعلني أكون مشهورا بين الطلاب حيث رجع إليّ تقريبا كل طلاب دفعتي بل والدفعة التي بعدي وكنت أقوم ببناء مشاريع التخرج بمقابل مادي لفترة حتى بعد تخرجي للدفعة التي بعدي.
نعود لما هو مهم في مشروع التخرج، قد يعتقد البعض بأنّ الفكرة هي أهم شيء وأنا لا أعوّل على ذلك؛ فالفكرة قد يتفاوت فهمها من شخص لآخر وقد يجدها بعض المشرفين على مشاريع التخرج بأنها خارقة وقد يجدها البعض الآخر بأنها عادية وذلك بحسب خبرات المشرف على المشروع ومعرفته واطلاعه والأهم هو مجال حبه واهتمامه فقد تكون الفكرة نفسها كتطبيق موبايل فيعجب فلان وربما لو كانت نفس الفكرة كتطبيق ويب أعجبت آخر بشكل أكثر، لذا ليست الفكرة هي الأساس في مشروع التخرج بل ما يمكن أن تقنع به مشرفك أو يعطيك هو إياه لاعتقاده بأنها فكرة مميزة.
لو أردتم أفكارا فهي بالمئات ولكن الأهم من ذلك هل تستطيعون تنفيذها خلال هذه الفترة؟ هل ستحبونها أو يحبها مشرفكم؟ هل فعلا ستكون مفيدة للناس؟ والأهم ماذا ستضيف لك من معرفة وخبرة عملية وإلى أيّ مدى ستكون نموذجا يمكن عرضه على أصحاب العمل لإثبات خبرتك.
أكثر الأشياء التي تعلمتها خلال مشروع التخرج ليس البرمجة في حدّ ذاتها؛ بل ما تعلمته كان عن كيفية استخدام تطبيقات المكتب من مايكروسوفت مثل (Access - Excel - Word - Power Point) بالإضافة إلى (Photo Shop) وكيفية استخدام بعض الإعدادات الخاصة بالنظام للتكامل مع التطبيق وعمل تأثيرات جميلة وحركات (خارقة على حدّ تعبيرهم) تذهل من يستخدم التطبيق، بالإضافة إلى طريقة كتابة ملف المشروع وتنظيم التقرير النهائي والطباعة الرقمية والتجليد الفاخر أو ما يسمى (التعليب) الجيد وبناء هوية بصرية للمنتج، وكما ذكرت فالتطبيق من الناحية البرمجية كان فاشلا بكل معنى الكلمة ولكن الشاشات المنظمة والجميلة هي من جعلت المشرفين يتغاضون عن الأخطاء الجوهرية أثناء العرض أو لعل ضيق الوقت لم يترك لهم مجالا في ملاحظة كافة العيوب.
الخبرات العملية التي تعلمتها خلال مشروع التخرج جعلتني أتميز في عملي وفي عرضي بل وفي طريقة التعاطي مع أرباب العمل، فلقد كنت أعرف كل شيء تقريبا (على الأقل في نظرهم) لأنّه خلال مشروع التخرج هذا تعلمت كل شيء كان متاحا في تلك الفترة وأخذت جولة عليه حتى لو كان معرفة ماذا يعمل على الأقل.
أهم وأكبر نصيحة
أودّ أن أنصح كل من يريد بناء مشروع التخرج أولا بأن يقوم هو ببناء مشروع تخرجه مهما كلّف الأمر دون مساعدة أحد وإن استطاع أن يبني فريق عمل - يعمل وليس مجرد أحجار متفرجة كالعادة - فبها ونعمت وهذا سيزيده مهارة في التعامل مع فرق العمل وإدارتها، وإن لم يستطع فليحاول بكل ما يستطيع حتى لو لم يكتمل المشروع بشكل كامل أو حتى لو اضطر إلى تأجيله إلى (ترم / فصل) آخر فهذا أهم شيء في حياة الطالب؛ فإن لم يستطع إعداده بنفسه فأعتقد بأنّ باقي حياته العملية ستكون متعبة جدا وخصوصا إن أراد الاستمرار بالعمل في نفس المجال وليس الحصول على الشهادة فقط.
كيف أجد الأفكار؟
كما ذكرت في البداية، الفكرة لا يمكن الحكم عليها بأنّ المشرف على المشروع أعجبته أم لا؛ وإن كان لابدّ فيمكن سؤاله هو عن الأفكار التي في باله وإلا فعلى الطالب البحث عن المشاكل التي تواجه الناس واقتراح حلول لها.
من أين أبدأ؟
أولا حدّد أين ستوجّه مشروعك ولأقلّل الخيارات فهل سيكون مشروع (ويب أو موبايل أو تطبيقا لسطح المكتب)؟ بعد تحديد ذلك اعمل استفتاء سريعا حول ماذا يحتاج الناس وأنت أولهم؛ أيّ ابحث عن حاجتك أنت كمستخدم ومن ثمّ اجمع كل ما يمكن حول الفكرة وضع إطار عمل بالوظائف الأساسية للتطبيق على أن يكون سهلا خفيفا لكي تستطيع إنهاءه خلال فترة قصيرة، ولا تكثر الخيارات والوظائف وحدّدها بأقل عدد ممكن ليكون التطبيق يعمل بوظائفه الأساسية والتزم بذلك لكي تستطيع إنهاء التطبيق.
بعد أن تحدد الفكرة قم ببناء هوية بصرية وموجز مطبوع عن الفكرة وحبذا لو قمت بتصميم واجهة واحدة على الأقل ومن ثمّ اذهب بها إلى المشرف على المشروع وبالتأكيد عندها لن يرفض فأنت قد قمت بواجبك وأثبتّ جدية الفكرة بما قمت به حتى الآن، وعندها يمكنك فعلا العمل على مشروع أنت تحتاجه وهناك فرصة بأن تطوره بالمستقبل ليكون منتجا متكاملا يمكن تسويقه.
لكي لا أطيل عليكم في الموضوع سوف أسرد مواضيع عامة يمكن الحصول على أفكار لمشاريع منها :
ذوو الاحتياجات الخاصة
كيف يمكن أن تقدّم تطبيقات لذوي الاحتياجات الخاصة ( المكفوفون / الصم والبكم / المعاقون ...)
كيف يمكن أن تقدّم تطبيقا لمن يَعُولُ أو من لديه في بيته أناس من ذوي الاحتياجات الخاصة
التسوق
أدلة للتسوق / التخفيضات / تناسق الألوان / آخر الموضة / تحويل القياسات / نواقص المنزل / السياحة
أعمال وشخصية
جدول التذكير بالمناسبات / الميزانية الشخصية / مراقبة الوزن / قائمة البرامج التلفزيونية / الرياضات / تخطيط الرحلات والمناسبات الخاصة والشخصية
الأطفال والأم
الحمل والولادة / التطعيمات الأولية ومدى حياة الطفل / مذكرة الأطفال / مراقبة الأطفال / ألعاب تعليمية
معلومات
كتب ومعلومات وفهارس وقواميس / الدين / الهياكل التنظيمية / طرق التوزيع والتقسيم / التسلسل الإداري ودليل الموظف الجديد
الشبكات الاجتماعية والمشاركة
وهذه مجالها خصب وكبير، فمثلا المشاركة والإعجاب بوصفات الطهي أو بالأثاث أو ببناء نادي معجبين للسيارات أو النوادي الرياضية ... إلخ واطلق العنان لمخيّلتك.
الدراسة
دليل الطلاب / جدول المتابعة / مشاركة الواجبات / مشاركة أسئلة الاختبارات
الأفكار كثيرة لا نهاية لها المهم أن تخرج عن الإطار الضيق المحدود الذي تفكر فيه، فكل خدمة ولو كانت بسيطة يمكن أن تتطور لتقدّم بشكل احترافي كبير؛ فعلى سبيل المثال فإنّه لديّ فكرة تطبيق بسيط لمن يودّ أن يقوم به عليه أن يذكر اسمي كصاحب للفكرة أو في حال أراد أن يقوم بتسويقه أن يتبرع بقيمة 15% من الدخل عني كصدقة.
تطبيق أستاذ تحت المجهر
فكرة التطبيق هو عبارة عن شبكة اجتماعية مبنية على مجموعات، مثلا (الجامعة أو المدرسة --< الصف الدراسي -- < المدرّس / هيئة التدريس).
يقوم الطلاب بالتواصل مع المدرّس بشكل مباشر عبر الشبكة الاجتماعية وتقييمه بشكل عام، كما يمكن كتابة تعليقات وتقييمه بعد الانتهاء من الدراسة معه حيث يقوم الأستاذ بالموافقة على طلبات الطلاب كونهم طلابه أصلا لينضموا إلى المجموعة ويمكنهم التواصل معه وتقييمه.
التطبيق يمكن أن يكون كبيرا جدا وبه العشرات من الميزات ويمكن أن يكون بسيطا بوظائف خفيفة وهو ما أؤيده وبعد ازدياد عدد المستخدمين يمكن إضافة المزيد من الخصائص.
بالتوفيق