الكلّ يحلم بالعمل الحرّ ولكنّي أريد أن أقوم بتعريف كلمة (حرّ) هنا لكي لا يُساء فهمها كما هو الحال مع كلمة (free) في التطبيقات مفتوحة المصدر. فكلمة (فري free) تعني مجاني وتعني حريّة في الوقت نفسه، والتطبيقات مفتوحة المصدر هي مفتوحة المصدر أيّ يمكن الحصول على الكود الخاص بالبرنامج والاطلاع والتعديل والإضافة عليه وما إلى ذلك بناءً على اتفاقية الكود، وقد يكون مجانيا ولكن ليس بالضروري أن يكون كذلك. وعليه لكي لا ندخل في اللُّبس في معنى العمل الحرّ فأنا أقصد العمل بعيدا عن عبوديّة الوظيفة وليست الأعمال الحرّة أي المتنوّعة، فلدى البعض لُبس في هذا المفهوم. فأنا أعمل حرّا مثلا لبناء تطبيق برمجيّ وحيد وليس العمل على عدّة تطبيقات كعمل (Freelance)، لذا فإنّ البعض عندما تسأله ماذا يعمل يقول لك أنّه يعمل أعمالا حرّة، ولكن ما يقوم به هو أعمال متنوّعة وليس بالضروري بناءُ عمله الحرّ والخاص، مع أنّ الأعمال المتنوّعة قد تكون مطلبا لبناء عملك الخاص وذلك حتّى يصبح عملك الخاص معتمدا على نفسه مثلا.
إقدامك على خطوة ترك الوظيفة والتفرّغ للعمل الحرّ هو خطوة رائعة وتتطلّب شجاعة كبيرة وأيضا تخطيطا وتوقيتا سليمين، فهناك بضعة أمور يجب أن تقوم بها قبل ترك الوظيفة وهي ما سوف أفرد لها مقالة خاصة تحت مسمّى (أشياء لا بدّ أن تقوم بها قبل استقالتك من وظيفتك)، ولكنّي الآن سوف أتحدّث عن الأوقات غير المناسبة وقد تكون غير متوافقة مع حالتك، لذا وجب التأكّد من ذلك قبل اعتمادها كأساس.
السبب الرئيسي وراء اختيار الوقت المناسب هو أنّ من يُقْدِم على ترك الوظيفة للتفرّغ للعمل الحر قد يعتبره كلّ من حوله مصابا بالجنون، وخصوصا في حال كان يملك وظيفة جيّدة، لذا فإنّ كلام النّاس وإن لم يؤثّر فيك مباشرة؛ فإنّه قد يؤثّر على عقلك الباطن وقد يشعرك في بعض الأحيان بالخوف وبأنّك قد قمت بعمل خاطئ. وعليه فإنّ هناك بعض الأوقات التي أعتقد أنّه لا يحبّذ فيها ترك الوظيفة حتّى لا تثقل كاهلك الظروف وكلام النّاس ممّا قد يسبب لك فشل حلمك.
وقت الإجازات والعطل
هذا الوقت يسمّى بالوقت الميّت؛ حيث إنّك لو أردت أن تبدأ بتسويق عملك أو بناء شراكات عمل فإنّك لا تجد أحدا وقد تشعر بأنّك قد أقدمت على الخطوة الخاطئة. لذا ابتعد عن هذا التوقيت قدر الإمكان كي لا يتسرّب إليك الشعور باليأس منذ البداية.
قبل انتهاء مشروعك
إن لم تُنهِ مشروعك الذي تودّ أن تبدأ العمل عليه أو على الأقل لم تكن لديك خطّة واضحة للعمل عليها منذ اليوم الأوّل لترك وظيفتك، فإنّه يُفضّل تأجيل الموضوع حتّى تنهيَ خطّة مشروعك. لذا لا بدّ من وجود خطّة ورؤية واضحة للعمل منذ اليوم الأوّل لتركك وظيفتك.
في وجود المشاكل
في حال كنت تواجه مشكلة مع رئيسك في العمل أو أحد زملائك، أو كنت تعمل على مشروع غير منتهٍ أو يواجه صعوبات، فإنّه يُفضّل عدم تركه كي لا يُعدّ ذلك استسلاما أو هربا من المشكلة والذي قد يكون فعلا سببا رئيسيا في تركك للعمل وليس جهوزيتك للعمل الحرّ.
لا يوجد أيّ مشروع حالي فعلي
في حال لم تكن تملك خطّة مشروع أو فكرة مشروع فإنّ تركك للوظيفة قد يؤثر عليك سلبا، وفي حال احتجت إلى وقت للتفكير بمشروعك بعيدا عن جوّ الوظيفة أو لم تترك لك وظيفتك الوقت للتفكير في مشروعك، فيمكنك أخذ عطلتك السنوية ولتجعلها الوقت المناسب لبناء مشروعك بدلا من الاستقالة النهائية. وفي بعض الأحيان قد لا تكون الرؤية واضحة لك ولكن يمكنك العمل على بعض المشاريع الصغيرة والمتوفّرة المتفرّقة التي تسهم في استقلالك ماديا والتي تقرّبك لبناء عملك الحرّ.
عدم وجود خطّة احتياطية
الخطّة الاحتياطية في الحالات الأسوأ تكون بالعودة إلى الوظيفة وربّما أسوء ما فيها هو أن لا تجد الراتب نفسه والمزايا السابقة، ولكن هذا يعني أنّك لن تموت من الجوع فوجود خطّة احتياطية قد يساعدك في التحرّر من الشعور بالخوف، مثلا ضع قائمة بالمشاريع أو الأعمال الأخرى التي يمكنك عملها في حال لم ينجح مشروعك.
الاستقلال المادي (مدّة النجاة)
في بدايةِ مشروع جديد والعمل الحرّ قد لا تحتاج إلى رأس مال، ولكنّك بالتأكيد بحاجة إلى مال من أجل تسديد فواتيرك ومصاريفك اليوميّة، وعليه لا بدّ من عمل اختبار الاستقلال المادي -سأتحدّث عنه في موضوع لاحق بإذن الله- وهو مدى توفّر السيولة التي تكفيك لفترة زمنيّة محدّدة مثلا من (3 إلى 6) أشهر أو حتّى الوقت الذي ترى فيه بأنّ مشروعك الخاص سيبدأ في درّ الربح الكافي عليك لتسديد مصاريفك.