تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
330 كلمة 3 دقيقة

لنتعرّف أولاً على (راندي بوش) وهو أستاذ جامعي وباحث في مجال تقنية المعلومات ومتخصّص في الواقع الافتراضي، توفّي في منتصف العام (2008) ميلادية، وقبل وفاته بقُرابة الستة أشهر تمّ إخباره بأنّه مصاب بسرطان البنكرياس وبأنّه لا أمل في العيش لأكثر من ستة أشهر، حينها سارع في الإعداد لمحاضرته الشهيرة (The Last Lecture) والتي تحوّلت لاحقا إلى كتاب وتُرجِم إلى 30 لغة حول العالم.

عندما سمعتُ خبر (راندي) في مواقع الإنترنت قمتُ بالبحث في موقع (YouTube) عن المحاضرة ووجدتها. في الحقيقة، حتّى هذه اللحظة لم أتمكّن من مشاهدتها ولكنّي سأفعل بالتأكيد، ولذلك فإنّي لن أتحدّث عن المحاضرة بل سأتحدّث عن قيامه بالإعداد للمحاضرة نفسها.

تخيّل أنّك مكان (راندي) -لا سمح الله- وتلقّيت نفس الخبر وبأنّ أيامك معدودة فماذا ستفعل؟ أكثر ما شُهِرَ عن (راندي) أنّه لم يقم بالاعتزال وحبْس نفسه والتمتّع بالجلوس مع عائلته في أيامه الأخيرة، بل فضّل أن يترك شيئا يفيد الناس (إضافة للحياة) وهذا ما فعله.

لقد قرأت قصّته عدة مرات في عدة مناسبات ومواقع وفي كل مرة أنسى فيها كلّ المقالة ولا أتذكّر سوى صوت في رأسي يقول لي ماذا لو كنتَ مكانه؟ ما الذي ستفعله ؟ أو ما هو العمل الأخير الذي ستقوم به ؟ هل ستعتكف في المسجد ؟ هل ستتبرّع بكل ما لديك ؟ وأسئلة كثيرة، ولكنّي دائما أعود لنفس تفكير (راندي) من باب أنّه من الصدقة الجارية (علم ينتفع به). إذاً يجب عليّ أن أترك شيئا يبقى وليكن صدقة جارية أتمنى من الله أن يتقبّلها وأن ينمّيها لي ويبقيها لي حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

ما زلت أفكّر حتى الآن ماذا سأترك ولعلّ فكري لم يتعدّى كتابا أو سنّ سنّة حسنة فلعلّها أقرب لتبقى وتبقى، ولا بدّ أن تكون مميّزة بحق ولا تنتهي صلاحيتها بعد عقود أو قرون كما ترك لنا علماؤنا من كتب قيّمة ونفيسة تصلح لكل عصر. ماذا سأترك هذا هو الهدف القادم لي. ولعليّ أسألك عزيزي القارئ ماذا عنك؟ ماذا ستترك؟ لعليّ أحثّك بأن تفكّر في أن تضيف شيئا جديدا في الحياة أو لعلّك تدلّني على فكرة أستطيع أنا نفسي تنفيذها فأترك شيئا يفيد البشرية ويبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.