لمن لا يعرف موقع (Trip Advisor) فهو موقع للمسافرين المتوجهين إلى أي مكان حول العالم وهم بحاجة لمعرفة المزيد من المعلومات حول هذه الجهات أو الفنادق التي يودون الإقامة بها أو الأماكن التي يودون قضاء أوقاتهم فيها , و يعتمد الموقع على تجميع أراء الناس وتعليقاتهم حول الأماكن التي زاروها و من ثم عرضها مصنفة حيث لو قمت بالبحث عن مدينة مثل (أبها) فسوف تجد معلومات و نصائح من مسافرين سبقوك بزيارة مدينة (أبها السعودية) و بهذا سوف تقوم بأخذ احتياطاتك مثلا (خذ معاك ملابس ثقيلة بالصيف) لان الجو بارد هناك مقارنة بجو (المملكة العربية السعودية) الحار ,تم تأسيس الموقع في بدايات العام (2000) ميلادية بواسطة (Stephen Kaufer) و الذي سوف نشير إليه لاحقا باسم (ستيفن) ضمن قصة نجاح هذا الموقع , في العام (2004) تم الاستحواذ على الموقع من أحد شركات مستثمري المال الجريء (VCs) ,و جدير بالذكر أن ستيفن يقوم بالتبرع و بدعم الكثير من البحوث العلمية و الكنائس و الدور الاجتماعية.
بداية قصة بطلنا اليوم كانت في نهايات التسعينات بين (1998 و 1999) ميلادية حيث أن ستيفن كان ينوي قضاء عطلته مسترخيا مع زوجته على شواطئ أحد الجزر , و بعد أن قام بلقاء أحد وكلاء السفر قام بنصحه بأحد الجزر التي يسوق لها هذا الوكيل , عندها قام ستيفن بالعودة إلى منزله بعد أن زوده هذا الوكيل بمطوية صغيرة تحتوي على بعض المعلومات مع صور براقة للفندق الذي نصحهم به وكيل السفر ,لم تروي هذه المعلومات ظمئ صاحبنا فقرر أن يستزيد وذلك بالبحث على الانترنت لعله يجد المزيد من المعلومات حول هذه الجزيرة و هذا الفندق و لتخطيط عطلته بشكل حكيم يضمن لهم الاستمتاع بها و عدم مواجهة أي مفاجئات قد تكدر عليهم صفو هذه الرحلة .
بعد كثير من المحاولات باءت أغلبها بالفشل لم يجد الكثير من المعلومات حول هذه الجزيرة و لكنه وجد تعليقا لشخص في أحد مواقع الحوار في أحد الزوايا و ضمن حديثه في موضوع أخرفقد ذكر اسم هذه الجزيرة و بأنه لم يستمتع بها و ذكر أن ذلك كان بسبب رداءة الفندق الذي كان بالصدفة نفس الفندق الذي كان ينوي أن يقضي به إجازته والذي نصحهم به وكيل السفر, و على ما أعتقد أن هذا الشخص قام بعرض صورة لما استاء منه في هذا الفندق , مما جعل صاحبنا يغض النظر عن الذهاب لهذه الجزيرة و البحث عن خيار أخر و أيضا هذه المرة استعان بالانترنت و باءت محاولته الكثيرة بالفشل فلم يجد الكثير من المعلومات و عندما كان يشرح لزوجته استيائه من ذلك قالت له بضع كلمات عابرة كانت هي المفتاح لهذا الصرح الكبير , فقد قالت له زوجته (بما أن لك خبرة بهذه الأمور التقنية لما لم تستطع إيجاد حل لنا حتى الان!) لعل زوجته كانت تلقي تعليقا ساخرا أو لعلها كانت تدله على أن هناك فرصة ,المهم بالأمر أن صاحبنا احتفظ بهذه الفكرة و بعد سنة من التفكير بها قرر أن يفاتح أحد أصدقائه المتخصصين في تطوير و إدارة الأعمال و استشارته بهذه الفكرة الجنونيه التي تقضي بتوفير موقع يقدم نصائح حول السفر.
(بلا شك هذه الفكرة لامعة وعليها الكثير من الطلب), هذا ما كان رد صديقه على الفكرة و الذي شجعه على الاستمرار و حتى الدخول في شراكة معه و هذا الشريك دائما ما يثني عليه ستيفن بأنه لولاه لما استطاع أن يتحرك خطوة واحدة فهو من ناحية شخص (تقني) و لا يعرف الكثير بالأمور (الإدارية) و كيفية تأسيس (الشركات) وتشغيلها و هنا كان هذا الشريك المناسب الذي يقوم بإكمال نصف صاحبنا الضائع و الذي به يتم العمل (المخ و العضلات) : )
بداء الصديقان بتكوين فريق عمل لم يتعدى (10) أشخاص يعتمد على البحث عن أي معلومات تخص السفر بكل مكان و تصنيفها و ترتيبها و التي كانت في البداية تغطي فقط الولايات المتحدة الأمريكية و القارة الأمريكية وبعد انتشار الموقع تم التوسع ليشمل العالم مع العلم ان هناك مواقع متخصصة لكل بلد تقريبا, و قد اعتمد فريق العمل على العمل اليدوي للتصنيف و التجميع و قراءة التعليقات و التقييمات في المجلات و الجرائد و الكتب و كل ما تقع عليه أيديهم حول السياحة و السفر و الأماكن السياحية حتى قاموا بتوفير قاعدة بيانات أساسية يمكن الانطلاق منها و بهذا كان الانطلاق الرسمي في بدايات العام (2000) ميلادية.
خلال العاميين الأولين من نشر الموقع كان الفريق مازال يعتمد على العمل اليدوي لإدخال الصبغة البشرية على كل ما يتم اختياره من معلومات بدلا من الاعتماد على الآلات التي حاولوا فيها بضع مرات و لم تعجبهم نتائجها و خلال هذين العامين كان كل من يعرف بطريقتهم هذه يسخر منهم و يطلب منهم أن يتوقفوا لأنهم لن يتمكنوا من التقدم بهذه الطريقة, إلا أنهم فعلا و خلال العاميين حصلوا على الأساس الذي جعلهم المرجع الأول و الوحيد تقريبا في هذا المجال , و لكن و كأي رجال أعمال مبادرين واجهوا الشبح الأعظم ألا وهو نقص السيولة المادية ,وعدم تمكنهم من إكمال الإنفاق على المشروع و عندها قاموا بعمل تجربة للإعلان في الموقع و قاموا بقياسها ,فلم تعجبهم نتائجها و مع ذلك قاموا بالاتفاق مع بضع شركات إعلانات تهتم بشريحة المسافرون و قاموا بوضع الإعلانات و بعد بضعة أشهر لم تتعدى عوائد الإعلانات بضع مئات من الدولارات فقط.
في هذه المرحلة زوار الموقع يتزايدون ,و فريق العمل ,يقوم بالتطوير و المتابعة و مراجعة ما يقوم الزوار بإضافته و تصنيفه و فهرسته ,و أصحاب الشركة يفكرون بكيفية الخروج من هذا المأزق المالي, الذي سوف يتسبب في إغلاق الموقع , و هم في خضم ذلك اقترح أحد أفراد الفريق أن يتم مخاطبة المواقع السياحية الكبرى للإعلان عنها داخل الموقع و قد وقع الاختيار على أكبر موقع على الانترنت يقدم خدمات الحجز على خطوط الطيران و الفنادق و شركات تأجير السيارات و كان في وقتها موقع (expedia) – مازال الموقع الأفضل حتى الآن و أنا شخصيا استخدمه – وعندما عرض ستيفن الفكرة على مدراء موقع (expedia) كان ردهم (من أنتم ؟ نحن لم نسمع عنكم من قبل!) و مع هذا طلبوا من ستيفن أن يثبت جدوى الإعلان في موقعه و بعد ذلك يتم الاتفاق فيما بينهم>
قام ستيفن بتوفير (كود توثيق) للإعلانات التي توصل إلى موقع (expedia) عن طريق موقعه و قام بعمل تعديل بسيط على الإعلانات بحيث يقوم بإظهار إعلانات لخدمات موقع (expedia) بما تخص المحتوى الذي يبحث فيه الزائر , على سبيل المثال لو قمت بزيارة موقع (Trip Advisor) و قمت بالبحث عن (مكة المكرمة) فسوف يقومون بإظهار إعلانات من موقع (expedia) لفنادق في (مكة المكرمة) و عندها لربما قمت بالضغط على هذا الإعلان و بعد قياس النسبة كانت تقريبا (10%) من الزوار قاموا بالاستعانة و الشراء من خدمات موقع (expedia) من خلال هذا الرابط و خلال فترة شهر واحد فقط <و الذي كان بهدف إثبات وجهة نظر ستيفن لأصحاب موقع (expedia)>
بعد انقضاء هذا الشهر و مراجعة النتائج قرر موقع (expedia) شراء المزيد من الضغطات الإعلانية على موقع (Trip Advisor) و بعد انقضاء بضعة اشهر تطورت الاتفاقية لتكون مفتوحة بعدد لانهائي من النقرات و يتم محاسبة موقع (expedia) على هذه النقرات في نهاية كل شهر< و قد كان هذا كفيلا في جلب دخل شبه دائم للموقع تطور من (10 آلاف) دولار إلى (60) ألف دولار شهريا بعد مدة قصيرة <و بهذا كان الموقع يغطي مصاريفه و في نفس الوقت يجني المزيد من الإرباح و خصوصا بأنه تم تطبيق هذه ألاستراتجيه مع عدة مواقع تقدم خدمات شبيه تهم المسافرين.
في العام (2004) قامت احدى شركات استثمار رأس المال الجريء بالاستحواذ على الشركة و كان الاتفاق منذ البداية على أن يبقى فريق العمل كما هو و يبقى ستفين رئيسا لهذه الشركة و يداوموا على ما يقوموا به بدون تدخل من هذه الشركة الجديدة فهي شركة مستثمرة فقط و يهمها أن تعلم ما هي الخطط و ما الذي سوف يؤدي إلى المزيد من الأرباح فقط وهذا هو المهم.
مما يشتهر به ستيفن بأنه لا يملك سكرتيرا شخصيا أو مساعدا خاصا بهو عندما سئل عن سبب ذلك قال (ليس لي حاجة بسكرتير شخصي فأستطيع أن أقوم بترتيب عطلتي بنفسي عن طريق الاستعانة بالموقع كما أني أستطيع أن أرد على هاتفي بنفسي) و عندما شرح بشكل أكبر قال ( نحن لا نقوم بتوظيف أي أحد إلا إذا كنا بحاجة حقيقيه له) و من الجدير بالذكر اعتراف ستيفن بأن فريق عمله وخلال سنوات عملهم الأولى كانوا يعملوا بجد مضاعف بضع مرات عن هذه الأيام مع العلم أن عدد الموظفين حاليا يتعدى (500) موظف و مازال اعتماد الشركة بالمقام الأول على نموذج الدخل من الإعلانات بالموقعمما يستفاد من هذه القصة
ابحث عن حاجة و قم بإشباعها , اصبر و ابحث عن الفرص و في كيفية الاستفادة منها ,
لا يوجد أي موقع عربي يقدم هذه الخدمة حتى الآن و لعل أكبر المواقع العربية هي عبارة عن ساحة حوار مثل الموقع الذي استحوذت عليه شركة مكتوب منتديات (المسافرون العرب) إلا أنها كانت تستخدم سياسة تنافي كل ما قام عليه موقع (Trip Advisor) حيث أني قمت سابقا بوضع تجربتي الكامل و التي هي عبارة عن 5 أجزاء لزيارتي لمملكة تايلاند (الجزء الأول – الجزء الثاني – الجزء الثالث – الجزء الرابع – الجزء الخامس) و قمت بالإشارة إلى مدونتي في نهاية الموضوع مما جعلهم يقوموا بحذف موضوعي و عضويتي نهائيا و هذه مشكلة عدم التفكير بمعادلة الربح للجميع (Win Win) و التي تقوم بها مواقع الصحف و المجلات العربية أيضا ف,كيف لهم أن لا يقوموا باحتساب جهدي في كتابة الموضوع و مشاركتهم كل ما قمت به و صورته و عانيته والذي لم أحصل عليه بالمجان بالتأكيد! و لكن كلي أمل بأن أجد مبادرا متحمسا يقوم بنسخ تجربة ستيفن و يوفر لنا محتوى راقي مرتب و باللغة العربية و خصوصا لو علم بأن مستقبل و دخل السياحة لدينا مرتفع و يمكن الرجوع لموضوعي (قصة نجاح مجموعة الطيار) الذي كتبته عندما حضرت لقاء للاستاذ (ناصر الطيار) صاحب مجموعة (الطيار لخدمات السياحة)
تاريخ المقال | طول المقال | تتطلب قرائته |
1509 كلمة | 10 دقيقة |