بضعة أيام تفصلنا عن الإجازة الصيفية والتي فعلا يحتاج إليها كلّ شخص سواء كان طالبا أم موظفا، فحرارة الصيف والوظائف الحيويّة في الجسم تختلف وتحتاج إلى الرّاحة وإلى طريقة خاصّة في العيش.
بالنسبة للطلاب في أيّ مرحلة كانوا فإنّ إجازة الصيف هي أفضل وقت للاستثمار في المستقبل، نعم؛ فهذا الوقت لن تجده عندما تدخل في مجال العمل، حينها لن يتوفر لك سوى شهر واحد في السنة كإجازة وستقضي معظمه في أعمالك الشخصيّة، وفي إصلاحات أحوالك الشخصيّة وبعض المواعيد المؤجّلة، ولن تتمتّع بها كما لو كنت طالبًا متفرّغا لست مُلزمًا بتحقيق أيّ شيء في هذه العطلة.
في سوريا مثلا طلاب مرحلة ثاني ثانوي وعند تخرّجهم واستعدادهم للدخول في مرحلة الثانوية الأخيرة والتي يسمّونها (بكالوريا) فإنهم يتوجّهون لمعاهد خاصّة تقوم بتدريس مناهج الثانوي في الصيف على أيدي مدرّسين لهذه المواد، وبذلك يصبح لدى الطالب فكرة ومعرفة مسبقة بالمنهاج الدراسي ليتمكّن من التفوّق فيما بعد.
لا أقصد أن تحصر الاستثمار على الدراسة أو القراءة فقط مع أنّ هذه الأخيرة أفضل طريقة للاستثمار، ولكن بما أنّ كلمة قراءة تعني (بعبع) خصوصا لمن سهر الشهر الماضي بين الكتب الدراسيّة مٌجبرًا، فأقترح عليكم طرقا أخرى لاستثمار الإجازة ولعلّها تفيدكم في المستقبل، ولا تنسَ كلمة استثمار فما ستقوم به الآن يُعدّ استثمارا طويل المدى وهو أنجح وأربح الاستثمارات على الإطلاق.
فلا أعظم من الاستثمار في العقل البشري؛ لذا فلنستثمر فيه ولكن بطرق أخرى غير القراءة ولتكن مثلا في الرياضة؟ كيف سيكون ذلك؟
رياضة جديدة
مثلا حاول هذا الصيف أن تتعلّم رياضة جديدة وأقصد بالتعلّم ليس اللعب فقط، فمن الأفضل لو تعرّفت وتعمّقت أكثر حول هذه الرياضة مثلا تاريخها، كيفيّة تنظيمها، وبطولاتها، ومن هم مؤسّسوها، وكلّ المعلومات عنها؛ وبالتأكيد هذا سيفتح لعقلك آفاقا جديدة تساعدك في المستقبل.
جرّب هواية جديدة
حتّى لو لم تكن تحب اصطياد السمك فلتجرّبه ربّما ستستمتع به، ولا أقصد حصر الهواية على اصطياد السمك، ولكنّ المقصد هو أن تجرّب هوايات أخرى خصوصا تلك التي تعتقد بأنّها غبيّة وغير مجدية؛ فبتجربتها ستعرف لماذا أحبّها غيرك واتخذها كهواية له ولا تدري ربّما تعجبك أنت أيضا.
دورات تدريبيّة
عادة في فصل الصيف تنشط الدورات التدريبيّة ولهذا لِمَ لا تلتحق بإحدى هذه الدوارات، مع أنّي أنصحك بالتأكيد على الالتحاق بدورة القراءة السريعة والتي ستوفّر عليك نصف الوقت في حياتك إن لم يكن أكثر، ولكن المقصد هنا هو أن تلتحق بأيّ دورة كانت وصدّقني فهي حتما ستضيف شيئا لخبراتك ولعقلك، وقد تغيّر لديك عادة أو سلوكا وتساعدك في التعرّف أكثر على طرق تحدّي الحياة.
تعلّم الكمبيوتر
بالتأكيد فالكمبيوتر أصبح يستعمل في كلّ صغيرة وكبيرة في حياتنا، لذا فإنّ تجاهله خطأ جسيم وعليه لِمَ لا تتعلّم احتراف تطبيق معيّن أو حتّى لغة برمجة جديدة قد تساعدك في المستقبل في تنظيم أعمالك، ولِمَ لا تجرّب أن تفتح مدوّنتك الخاصّة وتبدأ بتعلّم كيفية إدارتها وربّما أصبحت مدوّنا محترفا يوما ما.
تعلّم لغات جديدة
إن لم تكن تتقن لغتك الثانية ولتكن الإنجليزية كما الحال في بلادنا، فهناك خيار أن تقوّيها ولكن هناك أيضا خيار بأن تتعلّم لغة جديدة (الفرنسية مثلا) أو مثل حالتي أتمنى تعلّم (لغة الأوردو) أو (اللغة البرتغالية). وفي حال التحقت بهذه الصفوف سوف تتقوّى لغتك الثانية، حيث إنّ تعلّم قواعد اللغة يتيح لك إمكانية فهم أيّ لغة بشكل أكثر لتوافق التراكيب والقواعد.
سافر
لعلّك تقرأ مقالتي لأنّك ربّما لم تستطع السفر هذا الصيف، فلا تحزن إن لم تستطع السفر خارج بلدك، ولهذا لِمَ لا تجرّب زيارة مدينة أخرى داخل بلدك ولكن ليس بهدف السياحة في حال كانت السياحة الداخلية في بلدك أغلى من السياحة الخارجية كما هو الحال لدينا : ) فهل جرّبت زيارة أقرب مدينة لك أو أبعد مدينة؟ هل تعلم كلّ شيء عن المدن الأخرى في بلدك؟
ابحث عن عمل
ابحث عن عمل مؤقّت وأنصحك بأن تختار تلك الأعمال البسيطة والتي بها تعب كبير، لأنّها بالتأكيد ستقوم بصقل شخصيّتك وتساعدك في المستقبل في معرفة مدى الجدّية التي يجب أن تقدّمها في الدراسة من أجل عدم العمل في مثل هذه الوظائف مثلا أو على الأقل لكي تعرف كيفيّة إدارتها في المستقبل إن قرّرت فتح مشروعك الخاص.
تعرّف على أصدقاء جدد
ربّما لأنّك محصور بزمرة من أصدقائك منذ أيّام الدراسة أو من الجيران أو الأقارب فلِمَ لا تغيّرهم : ) أو تتعرّف على الأقل على أصدقاء جدد، لا تعرف كيف أو أين؟ ببساطة اذهب إلى نادٍ بعيدٍ عن بيتك أو انضمّ لأحد المجتمعات مثل النوادي الأدبيّة أو التطوّعيّة أو احضر المؤتمرات والدروس، وعندها ستتعرّف على أناس جدد وستزيد من توسّع شبكة معارفك وبالتأكيد سيزيد استثمارك في المستقبل، فلا تنسَ أن معرفة الرّجال تجارة والعمل دائما يعتمد في البداية على شبكة المعارف.
فكّر في مشروعك الخاص
هل تفكّر بأن تملك مشروعك الخاصّ بعد عشر سنوات أو أكثر؟ فلِمَ لا تجرّب أن تخطّط له وتتعلّم كلّ شيء عنه الآن سواء بالقراءة أو بالبحث على الإنترنت أو حتّى زيارة أعمال مشابهة، ويمكنك مثلا البدء في التعرّف على الموردين والمنافسين وكيفيّة إدارة العمل حتّى على سبيل التسلية وتأكّد بأنّها ستكون استثمارا عظيما في المستقبل.
تعرّف أكثر على تخصّصك الذي تحبّه
هل تودّ أن تصبح طبيبا في المستقبل أو طيارا؟ إذًا لماذا تنتظر الجامعة حتّى تقوم بِفرض عليك ما ستتعلّمه، فلتبدأ الآن بالتعرّف على هذا التخصّص فربّما كان حبّك له شيء والواقع شيء آخر، ولعلّك تصدم به الآن وتفكّر في تغيير تخصّصك قبل أن تدخل فيه وتكون مجالات التراجع قليلة.
الاجتماعيّات
بالتأكيد صلة الرحم والزيارات الاجتماعيّة عليك حقّ، كما يمكنك أن تتعرّف أكثر على جيرانك وأصحاب المحلّات التي بالقرب من بيتك، وتتعرّف أكثر على أحوال الحيّ الذي تسكن فيه فهذا من شأنه زيادة وعيك بما يدور من حولك، وربّما فكّرت في الانتقال من الحيّ : ) أو قيامك بمشروع صغير يخدم الحيّ.
زيارات الأماكن الأثريّة
قد تكون مثلي! فسابقا كنت أعتقد أن الذهاب لمشاهدة الأحجار والآثار مضيعة للوقت، والأكثر من ذلك أنّي كنت أعتقد بأنّ المتاحف ما هي إلا مكان للتافهين، ولكن اختلف تفكيري تماما وبدأت أكتشف بأنّ من لا ماضيَ له أو من لا يعرف ماضيه أو الماضي بشكل عام بالتأكيد لن يستطيع عيش المستقبل. وكذلك الحال، فرؤية إبداعات السابقين يؤكّد لك مدى إبداع الخالق الذي كوّن البشر وأعطاهم هذه العقول التي قامت بكلّ هذا.
قم بأداء عُمرة
إذا كنت تستطيع زيارة مكّة وأداء مناسك العمرة أو زيارة المسجد النبويّ والمزارات والتعرّف على التاريخ، قُم بذلك وسوف تستمتع بالتأكيد إن كانت هذه أوّل مرّة، وتأكّد بأنّك في كلّ مرّة تقوم بتكرار التجربة وأنت في قرارة نفسك تفكّر بأن تتعرّف على شيء جديد فإنّك ستجده وتستمتع به.
في النهاية، هناك عشرات الأفكار ولكن اكتفيت بهذه. ولعلّك عزيزي القارئ تشاركني ببعض من هذه الأفكار والتي ستثري الموضوع وتتيح لغيرك إمكانية استثمار إجازته بما هو مفيد.