تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
866 كلمة 6 دقيقة

الحكمة تقول (لا تضع كلّ بيضك في سلّة واحدة) والمغزى من هذه الحكمة هو أنّه في حال تعرّضت هذه السلّة للوقوع أو السرقة فإنّ كلّ بيضك سيتعرّض للخطر ولذا يُفضّل وضعه في أكثر من سلّة (التنوّع) لتخفّف من هذه المخاطر، وأكثر من يعمل بهذه الحكمة هم تجار الأسهم والتجار الكبار الذين ينوّعون في مجالات استثماراتهم ومجالات الصناعات التي يعملون فيها؛ ففي حال تعرّض أيّ مجال من مجالات التّجارة للخطر فإنّ باقي الاستثمارات في المجالات الأخرى ستعوّض هذه أو تغطّيها الخسارة.

وما دخل يوتيوب بالموضوع؟ أخصّ بالحكمة هنا الشباب المبدعين في اليوتيوب ومن يسمونهم (يوتيوبرز) حيث إنّهم يقومون بالاستثمار في هذا العمل وفي كلّ مرّة يقومون برفع مستوى التحدّي فيما بينهم فتزيد المنافسة؛ ممّا يعني جهدا أكبر لتخرج لنا أعمالهم بأفضل ما يمكن، ولكنّهم يعرضون أنفسهم لخطر كبير ألا وهو أنّ كلّ أعمالهم متواجدة في سلّة واحدة (يوتيوب)، صحيح أن يوتويب الآن قد يقدم لهم الدّعم ويوفّر لهم مصدر رزق ولكن وفي كلّ الأحوال الاتفاقيّة بينك وبينهم تنصّ على إمكانيّة حذف قناتك أو حجبها دون الرجوع إليك ودون الحاجة لتبرير ذلك لك وحتّى لو حاولت التواصل فإنّ الموضوع قد يحتاج إلى عدّة أشهر.


مع أنّ شعار جوجل (Don't be Evil) إلا أنّ الشركة ربحيّة وقد تضطرّ في يوم ما في حال كانت المصاريف كبيرة أن تتخلّى نهائيًّا عن يوتيوب مثلا أو ربّما تقوم بفرض رسوم، أو حتّى ما هو أسوأ أن تقوم باستغلال محتواك دون مشاركتك هذا الربح.

ما هي الحلول إذًا؟
أوّلا دعنا نعرف لماذا نختار (يوتيوب) وما الذي يقدّمه لنا؟ اليوتيوب منصّة تتيح لنا رفع أعمالنا ومشاركتها مع النّاس مع عدم دفع تكاليف ماديّة مقابل ذلك، وقد لا يعرف النّاس أن هناك تكاليف نقل للبيانات والتي تسمّى (Data Traffic) وخصوصًا في ملفّات الفيديو فإنّها كبيرة جدًّا وتحتاج إلى سيرفرات تستطيع دعم وصول هذا الفيديو إلى مئات الآلاف من المشاهدين في نفس الوقت وبنفس الجودة والسلاسة.

مثال رياضيّ لتعرفوا التكلفة الحقيقيّة، لو استخدمنا أقلّ أسعار خدمات الاستضافة والمخصّصة فقط لإيصال المحتوى (CDN - content delivery network) والتي تستخدمها مثلا (Facebook) والتي تستخدم شركة (akamai) والتي بدورها تقوم بإيصال (30%) من محتوى الويب بالعالم -بتاريخ كتابة هذه المقالة- حسب قول الشركة.

لو افترضنا بأنّ متوسط مدّة الفيديو (4) دقائق وبجودة عالية فقد يصل حجم الملف (100) ميجابايت، ولو افترضنا أنّ الشركات لديها طرقا لضغط الفيديو مع المحافظة على الجودة لتصل إلى (50%) من حجمها؛ فإنّ حجم الفيديو سيصل إلى (50) ميجابايت.

لو افترضنا أنّ متوسط المشاهدات للحلقة الواحدة في القنوات الناجحة قرابة (600) ألف مشاهدة، فنقوم بضرب (600000 في 50 ميجا) = أكثر من 28 تيرابايت.

تكلفة نقل البيانات لواحد تيرابايت تقريبا (150) دولار، أيّ أنّ التكلفة قرابة 4300 دولار أيّ ما يقارب (16000) ريال سعوديّ للحلقة الواحدة بهذه المشاهدات.

مع العلم أنّ متوسط عدد الدقائق للحلقات هو الضعف وعدد المشاهدات تقريبا الضعف.

مثلا حلقة (وسم 7) للشيخ سلمان العودة على قناة يوتيرن (http://www.youtube.com/watch?v=oBqKl3l97PY) مدّتها أكثر من 6 دقائق وعدد من تابعها أكثر 2.35 مليون مشاهد أيّ تكلفة نقل البيانات فقط أكثر من (94) ألف ريال سعوديّ، وهذه التكلفة للمشاهدات فقط دون ذكر تكلفة الإنتاج نفسه، أمّا المشاهدات تتكلّفها شركة يوتيوب من نقل البيانات والتي توفرّها مجانا وهي توفّر أيضا منصّة يعمل عليها مئات المطوّرين وغير ذلك فالتكاليف أعلى بكثير من هذا الرقم فقط؛ أيّ أنّ هناك تكلفة المنصّة نفسها وتطويرها وصيانتها فربّما تصبح التكلفة الضعف لو كانت هذه المنصّة مؤجّرة وليست مجانيّة.
هذا ما نستفيده فعليًّا من استضافة فيديوهاتنا لدى يوتيوب، كذلك الحال فهي تدير عمليّة التواصل مع المشاهدين والمشتركين ممّا يساعد في ولاء المشاهدين للقناة عند توفّر حلقات جديدة مثلا، ولكن لا ننسى أنّ كلّ هذا تحت سيطرة وبيد شركة يوتيوب ويمكنها أن تلغي كلّ ذلك في أقلّ من دقيقة!!

الآن ما هي الحلول؟ الحلول تكون بوضع خطط بديلة مع تقليل التكاليف وبالاعتماد على يوتيوب أيضا ولكن بذكاء!

أوّلا: قم برفع نسخة من فيديوهاتك على مواقع استضافة الفيديو الأخرى مثل (Vimeo.com) وغيرها.
ثانيا: ضع دائما نسخة من فيدوهاتك بنسخة أقلّ جودة على سيرفر خاص بك واجعلها بوضع الاستعداد دون الحاجة لنشرها ويمكن استخدام أقل السيرفرات جودة والتي توفّر هذه الفيديوهات كمخزن للبيانات فقط.
ثالثا: قم ببناء منصّاتك الخاصّة، وأنصح جدًّا ببناء منصّتين أولها موقع إنترنت، وكثيرة هي تلك القوالب التي تشابه يوتيوب بالخصائص والمميّزات وتعتمد وتتكامل مع يوتيوب، ولكي أشرح بشكل أفضل ما أقصده: هو موقع إنترنت (سكربت) يتمّ تركيبه على استضافة خاصّة بك، يعمل هذا السكربت كما لو كان يوتيوب بالشكل والمميّزات ويعرض فيديوهاتك من يوتيوب والفرق الوحيد هو أنّ المستخدم يتطلّب منه أوّل مرّة أن يعطي سماحية لحسابه على موقعك عبر التسجيل من خلال موقعك فتقوم أنت بتخزين نسخة عن اشتراكه لديك ونسخة لدى يوتيوب وكذلك الحال بالنسبة مثلا للإعجاب والتعليقات والمشاهدات...إلخ، بالإضافة إلى معرفة تفاصيل زوّار الموقع.

رابعا: في الوقت نفسه؛ قم بتوفير منصّة أخرى عبر الموبايل (تطبيق للهواتف الذكيّة) وأيضا تعمل بالخصائص الكاملة ليوتيوب وتتكامل معه وهنا تضمن جمهورا أكبر وهو الجمهور المتنقّل.

حتّى الآن مازلنا نعتمد على يوتيوب، ما الفائدة إذًا؟ الآن أصبحت لك منصّتك الخاصّة والتي يمكن للمستخدمين الوصول إليك عبرها بدلا من الوصول فقط عبر موقع يوتويب،  لو لا سمح الله تمّ إغلاق قناتك على يوتيوب فستستطيع بكلّ سهولة وبتغيير بسيط في قاعدة البيانات على موقعك بتحويل أماكن الفيديو لموقع (Vimeo) أو للفيديوهات الأقل جودة والمستضافة على سيرفرك وذلك كحلّ مؤقت حتّى تستطيع حلّ المشكلة مع يوتيوب أو تجد حلاً آخر تستطيع التعايش معه.

لا تنسَ فأنت بهذه الحلول قد تدفع تكاليف بسيطة في بناء المنصّة وإدارتها ولكن التكلفة الأعظم مازالت على يوتيوب وفي الوقت نفسه مازال بيدك بعض التحكّم والذي يمكنه أن يعطيك نقاط قوّة حتّى عند التفاوض مع هذه الشركة ويكون لك دائما خطّة بديلة.