تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
957 كلمة 6 دقيقة

إدارة التغيير أو بشكل أصح كيفية التحكم و إدارة مقاومة الناس للتغير و قد تسمى (change control) أو (Change management) و هي من الخطوات أو المراحل التي من الضروري الانتباه لها في أي مشروع كبيرا كان أم صغير فالإنسان عدو ما يجهل و من ناحية أخرى فأن التغيير يعني الخروج من منطقة الراحة (comfort zone) التي تعودوا عليها الناس بل أن البعض قد يشعر بالتهديد من هذه العملية فمثلا الطفل يشعر في حدوث تغيير ما في المنزل مثلا عند وصول طفل جديد و الإداري يشعر بالتهديد عندما يتغير مديره الذي أعلى منه منصبا و الموظف يشعر بالتهديد إن كان هناك حاجة لموظف جديد يقوم بنفس العمل حتى لو عللنا له بأن الهدف مساعدته فقد يقبل أن يزيد عليه الحمل و لا يكون هناك تهديد من موظف أخر

شخصيا كنت أواجه الكثير من فشل مشاريعي بسبب هذا العامل لاني كنت أعتقد كغيري بأن هذا الشيء غير مهم أو بما أني أقوم بالعمل الصحيح فليس هناك ما يقلق , فمثلا عندما قمت لأول مرة بالعمل على نظام (ERP) (إدارة موارد الشركات) في أحد الجهات الحكومية و كنت أعتقد بأني أتيت لهم بمعجزة تقنية سوف تساعدهم على حل مشاكلهم و تريحيهم و تساعدهم في الحصول على نتائج دقيقة كنت أواجه بالرفض من جهة و بوجود عراقيل من جهة أخرى بل و في اختلاق مشكلات لكي لا يتم تطبيق النظام في هذه الجهة

في البدايات لم أكن أجد تفسيرا لذلك و بعدها وصلت لقناعة مغلوطة بأن الموظف الحكومي هو طفل مدلل قد ضمن وظيفته مدى الحياة و لذا لا مشكلة إن لم يعمل شيء و رسخت هذه القناعة لفترة طويلة حتى انتقلت إلى القيام بمشاريع مع جهات خاصة فوجدت نفس المستوى من مقاومة التغيير و إن كانت تحل بعض الأحيان بواسطة القوة و التهديد من قبل صاحب العمل فما زالت هناك مقاومة ,إذا الموضوع ليس بموظف حكومي أو موظف خاص

وإن كانت المشاريع في الجهات الخاصة تنتهي فأنها تنتهي بصعوبة فإن إجبار الموظف على التعاون يجعل منه متغابيا أو قد لا يتساهل معك بتعقيداته و حتى إن تعاون فقد يعطيك معلومة مغلوطة أو المساعدة تكون عدمها أفضل في بعض الأحيان.

بعد فترة طويلة فهمت خطورة عامل إدارة التغيير و فكرة منطقة الراحة (Comfort zone) لدى كل الناس بلا استثناء فمثلا أنا دائما أشتري من هايبر ماركت محدد حتى و بعد أن عرفت بأن أسعاره أغلى من غيره و أعلل لذلك بأني تعودت عليه و لكن السبب هو أني أشعر بالراحة و لا أود أن أغير المحل للخوف من اختبار تجربة جديدة و هذا من أبسط الأمثلة اليومية , و حتى أنه في إدارة المشاريع يوجد مرحلة كامل مخصصة لإدارة التغيير و يثبت ذلك مدى أهميتها

بعض المفاهيم و الطرق التي خرجت بها حول إدارة التغيير و أحب أن أشارككم فيها:


  • لا تعلل التغيير على أنه منصوص بعقد أو بشرط فهذا من شأنه إفشال عملك لاعتقادك بأنك في مركز قوة


  • لا تقلل أبدا من منصب أي شخص قد يتأثر بالتغيير حتى لو كان حارس بوابة فقد يكون تأثيره عجيبا على مشروعك بدون أن تعلم و لا تنسى المثل السوري القائل ( الرصاصة التي لا تصيب بتطوش) أي (تصم أو تزعج)


  • أفضل طريقة للتغير هي في التواصل الفعال مع كل أصحاب المصلحة و فهم العقليات المختلفة و إشراكهم في العملية بطريقة أو بأخرى مع ترك جميع الخيارات لتطبيق التغيير متاحة مثلا (الطلب – التعاطف - التدليل – التهديد – الخصم) و لكن هذا لا يعني مثلا أن نأخذ دائما (التهديد بالقوة) بما أني مدير وأملك صلاحيات ضد هذا الموظف أو ذاك على أنها طريقة ناجحة فقد يكون هناك طريقة أسهل مثلا و باللهجة السعودية (الفزعة) أي تطلب من شخص ما أن يتعاطف معك أو يقف بجانك بجعله مناصرا لك أو قد تكون هدية صغيرة لموظف لديك كتغيير مكتبه أو جهاز الكمي وتر الخاص به (أو ما أسميه رشوة محمودة : ) ) ففي النهاية الهدف هو التغيير نفسه و ليس كيفية الوصول له.


  • من الضروري معرفة أين أنت الآن و أين ستصل عند القيام بالتغيير أو ما هي المكاسب من هذه العملية و شرحها بطريقة سهلة يمكن إفهامها لكل شرائح الموظفين أو المتأثرين بهذا التغيير و هذا من شأنه إقناع الكل بفائدة هذا التغيير و السعي ورائه


  • في حال كان التغيير مطلب طارئ و ضروري قم بإشراك فريق العمل و اشرح لهم الأزمة و اطلب منهم أن يضعوا أفكار لحلها و قم بإدارة جلسة للعصف الذهني بحيث تبقى ضمن إطار ما خططت له سابقا و بهذا يعتقد الفريق أنه هو صاحب قرار التغيير و ليس مفروضا عليه من الأعلى و أعود و أذكر بأن هذا بحاجة إلى شخص يملك مهارة فعالة في التواصل


  • في حال أردت أن يكون التغيير سريعا فاعمد على طريق (الربح السريع) أو (القدوة) أي قم ببناء قدوة مثلا إدارة ما و اجعل الباقي يحذوا حذوها إما بعامل الغيرة أو باقتناعهم بأن هذا التغيير في صالحهم و ذلك من تجربة سابقة

وهذه بعض الأسئلة التي تساعدك في مراحل إدارة التغيير و التي أقوم بسؤالها لنفسي بالعادة:


  • ما الذي يشعرك بأن هناك مقاومة للتغير؟


  • ما الذي جعلك تتأخر حتى الآن من أخذ الإجراء اللازم لإدارة هذا التغيير؟


  • ما هي المعايير التي اتخذتها من أجل تطبيق هذا التغيير ؟ و ما هو مدى فعاليتها حتى الآن؟


  • هل تشعر بأن طريقتك لإدارة التغيير فعالة؟ و إن لم تكن ما الإجراء الذي تنوي اتخاذه حيال ذلك؟


  • كيف ستقوم بإدارة تعدد الآراء؟ وما هي الطريقة التي ستتواصل فيها مع أصحابها

كما أن من الأشياء الجميلة التي قرأتها حول التغيير هو ملخص لكتاب (Leading Change) للكاتب (John P. Kotter) و كان هذا التلخيص يركز على بعض المفاهيم و التي اخترت منها:


  1. ارفع من حالة الطوارئ و الهم من حولك للتحرك قدما بإشراكهم بأهدافك


  2. قم ببناء فريق التوجيه / مساعد وظيفتهم توجيه الناس و مساعدتهم على تخطي هذه المرحلة عاطفيا و عمليا


  3. قم بتحديد رؤية واضحة للسعي ورائها


  4. أشرك أكبر قدر ممكن من أصحاب المصلحة (موظفين - عملاء - سكان) أي كان في عملية بناء القرار


  5. أزل الحواجز بينك و بين المتأثرين بالتغيير و اجعل طريقة للتواصل بينك و السماع لاقتراحاتهم و أفكارهم


  6. قم بتحقيق مكاسب سريعة عبر تحقيق تغيرات طفيفة تدل على فائدة عملية التغيير