تاريخ المقال طول المقال تتطلب قرائته
1076 كلمة 7 دقيقة

السبت الساعة 02:37 صباحا أراجع تقارير أداء الخوادم الموزعة في مراكز بيانات مستضافة في عدة دول، للتو أنهيت تثبيت آخر التحديثات الأمنية، لاحظت وجود خادم دون اسم ضمن قائمة الخوادم، استغربت وجوده، آثرت أن أنهي مهامي من ثم العودة للتأكد منه لاحقا، أنهيتها الساعة 3:49، عدت للبحث عن الخادم الغريب فلم أجده !!

بحثت وبحثت بين مراكز البيانات ضمن عدة مزودي خدمة مختلفين عن هذا الخادم دون جدوى، قاربت الساعة 4:08 أثقل عينيّ النعاس وامتلأ فمي بالتثاؤب والنوم يناديني، أغمضت عينيّ وعقلي مازال يفكر في الخادم الغريب، كيف اختفى تماما، كفى، هكذا أمرت عقلي بالتوقف عن التفكير حتى أنام.


صباح اليوم الأول

مرت سويعات واستيقظت على صوت ابنتي - بابا الفطور زاهز- رشفات من كوب الشاي فعلت خلايا مخي، فعادت تجربة الأمس لتشغل كل تفكيري، تجاهلتها، استمتع بوجبة الإفطار فأنت تستحقها هكذا قلت وهكذا فعلت.


الأحد

 تمام الساعة 9:00 صباحا، في كل أيام الأسبوع يهتز هاتفي المتحرك مصدرا نغمة (MS Team)، موعد اجتماع فريق العمل اليومي على الواقف (Stand-up meeting)، ما إن انتهى الاجتماع الأول أعقبه الثاني فالثالث وتوالت الاجتماعات حتى الساعة 7:30 مساء. مرَّ الوقت ولم أرد على الرسائل البريدية للتعقيب على تلك الاجتماعات، مؤشر بطارية جهازي المحمول 100% . الحمد لله سأنتهي سريعا، أغادر المكتب قبل أن أعلق في ساعة الازدحام المرورية الثانية، نصف ساعة كانت كافية لإنهاء الأعمال ضمن ردود مقتضبة وسريعة.

قاطعت رحلة عودتي رسالة تتطلب التعقيب  من جهازي المحمول، وصلت إلى المنزل ونسيت الأمر تماما مع استقبال الأطفال لي وإخباري بقصصهم عن يومهم، غلبتني غفوة على الكنبة استفقت منها بعد ساعة بنشاط كافٍ لأبدأ يوما جديدا دون تشتيت الاتصالات.

بضع ساعات مرت وأنا أعمل على الجهاز المحمول، فاتنبهت لضرورة وصله بقابس الكهرباء فوصلته، وبنظرة تحقق في المتبقي من مؤشر البطارية إنه مازال 100%، يا للعجب  ليس من طبيعة أجهزة (MacBook) أن تتعطل.

إعادة تشغيل للجهاز المحمول  أول إجراء طبيعي للتأكد من عمل المؤشر، فهذه أول عملية شحن له منذ كتابة مقالي صباح الجمعة، بالتأكيد ستحل المشكلة من تلقاء نفسها عندما تمتلئ بطاريته بالطاقة من جديد – هكذا اعتقدت – أنهيت أعمال الليلة وخلدت للنوم.


صباح الاثنين

جربت تشغيل جهازي المحمول للتأكد من عمله ومن ثم انطلقت إلى المكتب، ومازال المؤشر عند 100% ، بمجرد دخولي إلى غرفة المكتب وضعت جهازي المحمول على المكتب وانشغلت ببضعة نقاشات مع فريق العمل ثم اتصالات تبعتها ردود على رسائل (WhatsApp)، مرت بضع ساعات منذ أن تركت جهازي المحمول على المكتب وها هو في وضع السبات الطبيعي، إذا وضع جهازي المحمول سليم وتأكد لي ذلك عندما لمست لوحة المفاتيح فعادت للإنارة، إذا هو يعمل، الحمد لله.

مازال المؤشر عند 100% حقا هذا مربك كيف لي أن أعرف الآن متى أحتاج لربط جهازي المحمول بالكهرباء من عدمه، لا وقت للشك، ليس أمامي إلا أن أترك الجهاز موصولا بالكهرباء طوال الوقت طالما توفر لي ذلك حتى أستطيع أن أعتمد عليه في وقت اضطررت للعمل عليه دون كهرباء.


مرت أيام الأسبوع

ها نحن في صباح الجمعة وقت كتابة مقالي الأسبوعي فخطرت لي فكرة بأن أترك جهازي المحمول طول الوقت دون اتصال بالكهرباء حتى ينطفئ لوحده فلعل المؤشر يعمل بشكل جيد عند عكس العملية وتصفير البطارية، انتهيت من المقالة خلال ثلاث ساعات وأقفلت جهازي المحمول ومازال المؤشر عند 100%.

الساعة 00:09 منتصف الليل أقوم بعادتي الأسبوعية للاطمئنان على الخوادم والتحديثات ومازال جهازي المحمول عند مؤشر 100% حتى أنهيت جولتي المعتادة وقمت بقراءة مقالة جديدة عن مستقبل العملات المشفرة إلى أن أصابني الملل والنعاس وخلدت للنوم بعد إقفال جهازي المحمول ومازال مؤشر البطارية 100%.


صباح السبت

وقبل الذهاب للإفطار مع أولادي قمت بتشغيل جهازي المحمول وقمت برفع إعدادات إنارة الشاشة وإنارة لوحة المفاتيح للقوة العظمى وقمت بفتح متصفح (كروم) المستهلك للطاقة وتشغيل ملف فيديو طويل بتقنية (time-lapse) لمشروع إنشائي تم بناؤه خلال سنتين ويتم عرضه بهذه التقنية بـ 60 دقيقة وذهبت للإفطار وكلي يقين بمجرد إنهاء فطوري فإني لن أجد جهازي المحمول يعمل.

المفاجأة كانت عند عودتي ومازال جهازي المحمول يعمل ومؤشر البطارية عند 100% إلا أن الفيديو انتهى وبدأ في تشغيل ملف فيديو آخر ضمن قائمة التشغيل الآلية، العجيب بأن إفطاري لم يتخطّ 30 دقيقة وملف الفيديو 60 دقيقة !


مازال جهازي المحمول يعمل!

أشعر بقليل من الانزعاج ممزوجا بالإعجاب من قوة الجهاز الذي كلفني مبلغا كبيرا، نعم يستاهل، رددت هذه الكلمات في ذهني، لكن انزعاجي من هذه المشكلة جعلني أدخل على موقع (Apple) لأقوم بحجز موعد للصيانة لحل مشكلة جهازي المحمول وما إن قمت بالدخول إلى الموقع حتى وصلتني رسالة (OTP) على هاتفي المتحرك لتأكيد دخولي لحسابي وعندها حاولت القيام بنسخ الرقم من هاتفي المتحرك ونسخه على جهازي المحمول، لم تفلح عندها خاصية (Shared Clipboard) المشتركة بين أنظمة وأجهزة شركة (Apple) فقلت لربما تطلب أن أقوم بتشغيل خاصية (Bluetooth) على جهازي المحمول وإقرانه بهاتفي المتحرك وبمجرد أن تم الاقتران ... توقف جهازي المحمول عن العمل !!


أخيرا

الجهاز قاوم كل هذه الفترة دون أن ينطفئ ولم ينتظر ثوانٍ لتأكيد الموعد، المهم أخيرا انتهت البطارية، أكاد أجزم سماعي لنغمة (iOS) المميزة عند اقتران كابل الشحن في الهاتف المتحرك في نفس لحظة انطفاء جهازي المحمول، لم أكترث للموضوع وقمت بوصل كابل الشاحن الخاص بجهازي المحمول وتركته مغلقا فوق طاولة السفرة في الصالة.

قمت بضبط منبه هاتفي المحمول بعد 30 دقيقة للتأكد من مؤشر البطارية، بعد فترة قصيرة أكاد أجزم أنها أقل من 20 دقيقة سمعت المنبه فقمت وشغلت الجهاز المحمول وكل ما كنت أتمناه أن لا يكون 100% وهذا ما حصل إذ أنه مازال أقل من 50%.

شعور رائع بأن جهازي المحمول عاد إلى رشده ولم أعد أحتاج لأن أقف في طابور طويل من أجل تسليم جهازي لمجموعة من المتباهين بقمصانهم الزرقاء ذات التفاحة البيضاء وكلامهم الممزوج بكثير من التباهي وكأنهم من قاموا بصناعة هذا الجهاز بأيديهم، إنهم مجرد بائعين لا يبذلون أي جهد سوى التباهي بعملهم في هذا المتجر.


سأنام هنيئا

يقال أن معظم الأفكار الغريبة تظهر قبل أن تفقد الإحساس بالمكان والزمان (مرحلة ما قبل النوم العميق) والتي ترتفع فيها موجات (الدلتا) في الدماغ، خلال تلك المرحلة تذكرت الأحداث وتذكرت عنوان الخادم (164.92.237.238) بشكل واضح فنهضت من فراشي لتجربة البحث عن العنوان، لم أفاجأ بأن العنوان موجود فعلا، فلربما هو عنوان مخزن في عقلي لخادم قديم قمت باستخدامه، المهم العنوان صحيح لصفحة فارغة ولكنه ليس ضمن قائمة خوادمي.

بعد أن حفظت عنوان الخادم وتأكدت من أن مؤشر البطارية لجهازي المحمول عاد إلى 100% فصلت عنه الشاحن وعدت للنوم وبحثت عن شاحن الهاتف المتحرك لأقوم بشحنه إلا أنه مازال عند (83%) لذا لا داعي لذلك.


اليوم التالي 

أعمل على جهازي المحمول دون وصله بالكهرباء، مؤشر البطارية يتناقص بسرعة ملحوظة فقمت بفتح مستكشف النظام لمعرفة ما هي حالة البطارية فإذ بي أرى رقما غريبا يفيد بأن عدد مرات الشحن تخطت (Cycle Count: 9999999).

حان الوقت لزيارة الوكيل، أقرب موعد للصيانة بعد أسبوعين من اليوم وكأني أقوم بحجز سيارة فيراري مخصصة من إيطاليا!

قاطعني رنين اجتماعي الصباحي اليومي والذي تتالى من جهازي المحمول وهاتفي المتحرك في نفس الوقت فأقفلت جهازي المحول وأتممت اجتماعاتي عبر الهاتف المتحرك.

انتهى اليوم وحتى كتابة هذه السطور بعد مرور أيام ومازال هاتفي المتحرك بمؤشر (83%) !


التكملة هنا