لمن لا يعرف عن مجموعة الراجحي فهي لعائلة سعودية أسمها (الراجحي) لمجموعة من الأخوة تعددت مشاريعها في المجالات الصناعية و الزراعية و تربية المواشي و العقارية و لعل أشهرها هو مجموعة بنك الراجحي الإسلامية و التي تسمى بشركة الراجحي المصرفية للاستثمار والذي تتعدى فروعه (500) فرع برأس مال يتعدى (15) مليار ريال سعودي , و يقيم على هذه المجموعة الأخوة (من الصغير إلى الكبير) (محمد – سليمان – عبد الله –صالح) و يملك (سليمان الراجحي) ما نسبته (50%) من هذه المجموعة و هو المدير العام للمجموعة و يليه أخوه الأكبر (صالح الراجحي) بحصة تبلغ (25%) و باقي الأخوة (محمد و عبد الله) ما مجموعه (25%)
و لذا فأن قصتنا سوف تتحدث في البداية عن نشأة هذه الأسرة و من ثم سوف نخصص الحديث عن كل من (سليمان و صالح) و بعدها نفرد باقي المقال عن الشيخ (سليمان الراجحي) بما أنه الرئيس التنفيذي و مالك أكبر حصة من هذه المجموعة
أحب أن أنوه في البداية بأني بذلت قصارى جهدي لكي تكون المعلومات صحيحة و مرتبة بتسلسل زمني صحيح و الخطاء وارد و في حال كان هناك أي تصحيح فيرجى مراسلتي لتصحيحه حيث أنه و من الصعب الحصول على معلومات عن الناجحين العرب على كثرتهم و لعل هذه المقالة تكون بذرة لمزيد من السير الناجحة و هي كثيرة ولكن يصعب الحصول على معلومات عنها
تبداء القصة من مدينة البكيريه قرابة العام (1350 هـ - 1930م ) في أحد مناطق القصيم والتي تقع شمال مدينة الرياض بحوالي (350 كيلو) حيث ترك والدهم (عبد العزيز الراجحي) مدينة البكيريه والذي كان يعمل بها مزارعا متوجها إلى مدينة الرياض مع الأخوة الكبار (صالح و عبد الله) و ذلك من أجل طلب العيش و لالتحاقهم في سلك التعليم حيث كان التعليم مجاني وكان يقيم الطلاب في منزل يسمى ببيت الغرباء و يتم إطعامهم عن طريق قصور الأسرة الحاكمة في ذلك الوقت , و بعد أن أسس (والدهم) أساسيات الحياة عبر استئجار منزل للعائلة يبلغ إيجاره (1 ريال سنويا) و بدء في التجارة عبر بيع الملابس المستعملة ,ثم عاد مرة أخرى إلى مدينة البكيريه لإحضار باقي العائلة و التي كان من ضمنها الشيخ (سليمان الراجحي)
انتقلت الأسرة من مدينة البكيريه إلى مدينة بريده عبر الجمال و قاموا بالمبيت لمدة ليلتين تحت ظل الأشجار و ذلك في انتظار (الركوبة) أي وسيلة مواصلات و بينما كان الأخوة الكبار في مدينة الرياض و والدهم بعيدا عنهم إذ بحلول إيجار المنزل مما جعل الأخوين يعملون في الاحتطاب بعد وقت المدرسة و ذلك لتوفير إيجار المنزل حتى يعود والدهما من رحلته و بهذا بدئت هذه الأسرة بالعمل الجاد لسداد مستحقات المعيشة و إيجاد لقمة العيش
فور ما أن عاد الأب قام بإلحاق باقي أبنائه في صفوف الدراسة و عاد لمزاولة عمله الذي لم يكن يكفي لسد الاحتياجات اليومية لهذه العائلة مما أدى بالأبناء للعمل بعد وقت الدراسة في الاحتطاب و جمع الجلة (روث الجمال و كان يستخدم للتدفئة) أما في أيام عطل الأسبوع فقد كانوا يعملوا حمالين و بائعين متجولين و أي عمل يوفر لهم بضع قروش لتساعدهم على إتمام الأسبوع
منذ نعومة أظفاره كان الشيخ سليمان الراجحي يزاول الأعمال و ينتقل من عمل لأخر و بالتالي لم يكن يحب الدراسة حتى أنه ترك مقاعد الدراسة وهو لم يكمل بعد سنته الدراسية الثانية (ثاني ابتدائي) مما جعل المعلم (يسمى المطوع في ذلك الوقت) إلى جعله يعمل لديه كمساعد و ذلك لكي يبقى و يتعلم فكان يجعله يقوم بإعداد القهوة و الطبخ لمعلمه و يكون الرقيب على الصف في غياب معلمه و بعد فترة من مزاولة هذا العمل قام المعلم بإهدائه مبلغ و قدره (ريال) و طلب منه أن يقوم بشراء ملابس جديدة له و ذلك رأفة بحاله و عندها قام الشيخ سليمان بشراء ثوب جديد بمبلغ (14) قرش و غترة (غطاء للرأس) بمبلغ (7) قروش و بقي معه قرش (الريال في ذلك الوقت عبارة عن 22 قرش) و كان هذا القرش هو أولى ثرواته التي حصل عليها و قام بتجميعه مع ما يأتيه من قروش أخرى حتى قام بتوفير مبلغ من المال استطاع أن يشتري به أول تنكه كاز (وقود احتراق) و قام ببيع هذه التنكة بالمفرق على الناس مما يؤدي به إلى كسب (قرشين) في كل تنكة يبيعها و هكذا حتى مل من هذا العمل ففكر في الانتقال لعمل أخر كبائع على بسطة يقوم ببيع الحلويات للأطفال و البالونات و تطور المكسب ليصل إلى (3) قروش في اليوم و بعدها عاد للعمل حمال حيث كانت أجرة الحمال (نصف قرش) و ذلك في داخل حرم سور منطقة الرياض و التي كانت لا تتعدى تقريبا (4 كلم2)
كل هذه النقود كان يوفرها ليعطيها لوالديه ليساعد في معاش البيت و لم يكن يقوم بشراء أي شيء لنفسه حتى أنه لم يكن يتغذى أو يأكل أي شيء خارج المنزل كما الحال مع أقرانه الذين كانوا يقوموا بشراء الوجبة الشعبية و التي كانت عبارة عن خبز مع مرق (شوربة) و الذي كان سعرها (1.5 قرش) و لكنه كان يفضل أن يشتري لأهله صاع طحين أو بقايا الخروف (رأس و كرشة و كراعين) والتي كانت بنفس سعر الخبز و المرق ويحضر ما يشتريه للمنزل لتطبخها والدته و تتشارك به العائلة
في العام (1460هـ) قام الأخ الأكبر (صالح) بالزواج مما اضطر العائلة إلى شراء أرض مساحتها تقريبا (8 * 6 م) وبنائها بأيديهم و في نفس العام أو قبله بقليل كان يمارس (صالح) أعمال الصرافة و تغيير العملات و في ذلك العام اشتد المرض على عمهم المتواجد في منطقة حائل شمال المملكة مما جعل والدهم يسافر لمساعدة أخيه و نقله إلى المدينة المنورة من أجل العلاج و لكن وافته المنية في الطريق و عندها عاد الوالد إلى الرياض و صحب ابنه سليمان ليساعده في سفرته الثانية إلى حائل من أجل تصفية تركة أولاد أخيه و نقلهم تحت وصايته في مدينة الرياض و في ذلك الوقت كان (سليمان) يقوم بالطبخ لأبيه و إعداد القهوة و يعمل في السوق ببيع ثمرة الصيف (البطيخ) ليؤمن معاش يومه له و لوالده و كان يقوم بتوفير ما يكفي من طعام لليوم بالإضافة إلى ربح إضافي مقداره (1 قرش) ,
و من قصصه الجميلة في مدينة حائل بأنه رأى و لأول مرة الطائرة الورقية و كانت تباع بقرش واحد فقام بشراء واحدة لنفسه ليس ليلعب بها بل لإعادة هندستها (Reverse Engineering) و يقوم بتقليدها و من ثم قام بتصنيع طائرات مشابهة و كان يبيعها بنصف السعر (نصف قرش) و الطريف أنه ذهب لبيع هذه الطائرات في نفس المكان الذي كان يقف فيه الشخص الذي اشترى منه الطائرة
بعد عودة سليمان و والده من مدينة حائل توسط أحد أبناء عمومته له لكي يعمل كطباخ للعاملين في بناء قصور الفوطة (قصور الأسرة الحاكمة) و كان يحصل على مبلغ شهري تقريبا (30) ريال بالإضافة إلى (15) قرش يوميا بدل طعام ولكنه كان يقوم بتوفير هذا المبلغ و يذهب إلى السوق في أخر النهار و ينتظر بائعي الخبز في نهاية اليوم حتى يقوموا بتخفيض سعر الخبز الباقي (تصريف) بنصف السعر فيأخذ خبزتين بـ (1.5 قرش) و يقوم بأكلها و يبقى عليها حتى عشاء اليوم التالي و لم يمر وقت طويل عليه حتى طلب زيادة في الأجر ليتساوى مع زملائه الذين يعملون معه ولكنهم رفضوا زيادة أجره فكان هذا من حظه و ترك العمل كموظف ليعاود العمل لحسابه الخاص من جديد و الذي سوف يتم شرحه في الجزء الثاني و الأخير من هذه القصة