عالم التسويق في الشبكات الاجتماعية يعتمد بشكل كبير على (الآن) فهذا العالم والتعاطي به يعتمد على أدائك الماضي والوضع الحالي، ولا يركز بشكل كبير على المستقبل، أي لا وجود للمستقبل فقط هو الماضي والحاضر.
قبل أن أسهب في مفهوم (Presentism) سأشرح أولا ما أقصده بجملة (لا وجود للمستقبل) لكي لا يفهم بشكل خاطئ؛ فالمستقبل هنا أقصد به على سبيل المثال عند محاولتنا لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أساسي لبناء الهوية التجارية أو ترسيخ الرسائل التسويقية، وهذا ما لا يمكن عمله لأن ذاكرة وسائل التواصل الاجتماعية قصيرة؛ أي أنّ مدة بقائها في الذهن قريبة من الصفر وذلك بسبب قلة كلماتها عبر التدوين المصغر وأيضا بسبب كثرتها وسرعة تواليها من جهة أخرى، ففترة حياتها قصيرة ولكي تستخدم كوسيلة لترسيخ الرسائل بشكل ثابت تحتاج لاستخدام (الحشد الجماهيري) أو مايسمى (Crowd Sourcing) ولهذه الآلية استراتجيات وآليات يجب أن تتخذ بطرق مدروسة واحترافية.
التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي / الشبكات الاجتماعية يقع تحت آليات التسويق الإلكتروني ولذا لابّد من التركيز على الوقت الحاضر أو بشكل أدق الوقت الحالي (real-time)، فلا إمكانية فعلية للتنبؤ بالمستقبل فنحن لا نملك أي وسيلة للتحكم بالجمهور، فكل فرد هو عبارة عن محطة إرسال بحد ذاته يعبّر عن أفكاره وآرائه بالمنتج أو الخدمة بحسب رأيه وتجربته الخاصة، بما في ذلك التراكمات من الخبرات السابقة مع المنتج أو الخدمة بحد ذاتها أو بتجارب وخبرات مع منتجات وخدمات شبيهة والتي قد تكون سلبية أو ايجابية.
المستقبل هو ما يحدث الآن في هذه اللحظة وهو ما عليك التعامل معه وهو مايعنيه مصطلح (Presentism) ومصطلح الوقت الحاضر (Real-time) يعني مايحدث الآن في هذه اللحظة (just-in-time) وهو مايجب التعامل معه في الوقت الفعلي.
لذا فإن طرق واسترتجيات التعامل والتعاطي مع الجمهور على الشبكات الاجتماعية لا يمكن التنبؤ بها ولكن يجب التخطيط الجيد له مسبقا بناء على سنياريوهات متعددة مع التركيز على عدم التعميم, والتعاطي مع كل حالة على أنها حالة خاصة بحد ذاتها يمكن وضعها ضمن قالب عام أو بشكل أدق تصنيفها ضمن تصنيف عام إلا أنها حالة خاصة.
على سبيل المثال، الزبون الذي يعبر عن تجربته الجيدة لا تعني بشكل قاطع توصية بالمنتج فقط بل هي أيضا تجربة يجب أن يستفاد منها ومحاولة استخلاص التجربة الايجابية أي مثلا لماذا هو راض الآن؟ هل الخدمة كانت السبب؟ أم السعر؟ أم أن هناك موقفا محددا جعله يعبر عن رأيه الإيجابي في هذا الوقت؟ من المهم أيضا معرفة ماذا كان من الممكن أن يؤثر على هذه التجربة لتتحول إلى سلبية، فهذا العميل قام بالتعبير عن رأيه الآن إذن فهو جاهز ومستعد للتعبير عن رأيه في وقت لاحق عن سخطه وتجربتة السلبية.