إنّ ما دعاني لكتابة هذا الموضوع – كان لا بدّ أن أنوّه عن ذلك في الجزء الأول – هو أنّي قبل فترة كنت أتناقش مع الأخ طلال حول تطبيق قياس الفاعليّة الذي عمل عليه في الشركة واعتقاده بأنّه من أكثر الأشخاص فاعليّة في العمل، وذلك بناءً على الانطباع الذي أخذه عن نفسه أثناء بنائه لمشروع التخرّج والذي كان يأخذ منه في بعض الأحيان 20 ساعة يوميا، ولكن بعد التعامل مع هذا التطبيق وقياس مدى فاعليّته وجد بأنّها لا تتعدّى (3) ساعات من أصل (8) وبعد جهد جهيد وصل إلى الرقم (5) ساعات إنتاجية من أصل (8)، وذلك لأنّ مقياس الفاعليّة يعمل على العمل الفعلي وليس مجرّد جلوسك على الجهاز أو العمل على أمور شخصية أو أمور أخرى غير متعلّقة بطبيعة العمل. هذا البرنامج الذي كنتُ قد طوّرتُ تطبيقاً مشابهاً له كجزئية في تطبيق إدارة محلّات الإنترنت كافيه وتطوّر ليكون مسجّلاً للشاشة، ومن ثمّ توقّف العمل عليه منذ فترة طويلة لعدم حاجتي إليه، إلا أنّي بحاجة إلى إعادة العمل عليه من أجل المشروع القادم والذي سأكون فيه بدور مدير المشروع مع عدّة أطراف يعملون عن بعد. ولكي أكون أميناً وعادلاً في حكمي لا بدّ من وجود تطبيق كهذا يساعدني في قياس مدى الفاعليّة والإنتاجيّة للأفراد عن بعد.
المهم هنا هو أن نعرف كيف يمكننا أن نقيس فاعليّة عملنا، وتطوير مهارة الإحساس بالوقت لكي نستطيع تقدير وقتنا، وبناءً عليه إدارة وقتنا بفاعليّة أكثر.
البداية
للوصول إلى أيّ نتيجة نحتاج أولا إلى الملاحظة، ثمّ التحليل، ثمّ الوصول إلى نتيجة، وعليه فلنبدأ بالخطوة الأولى ألا وهي الملاحظة، ويكون ذلك عبر كتابتك لكلّ ما تقوم به منذ أن تصحو صباحا وحتى تنام، مع كتابة الوقت الذي استغرقه كلّ شي وقُم بذلك لمدّة أسبوع كامل.
مثال:
7 صباحا
رنّ المنبه
7:02
قمت من الفراش
7:09
خرجت من دورة المياه
7:15
انتهيت من ارتداء ملابسي
7:19
انتهيت من تلميع حذائي (كرّم الله القارئ)
7:25
ركبت السيارة
7:55
وصلت إلى المكتب
8:30
قمت بفتح البريد الإلكتروني
9:30
أنهيت تصفّح البريد الإلكتروني
وهكذا، قُم بكتابة كلّ ما تقوم به بدقّة عالية ولمدّة أسبوع كامل. أعلمُ أنّ الموضوع متعب ولكن النتائج النهائية فعّالة وستذهلك وستساعدك مدى الحياة بل وستزيد من إنتاجيّتك. فهل تضحّي ببضع دقائق متفرّقة يوميا ولمدّة أسبوع مقابل إنتاجيّة عالية وإدارة للوقت بفاعلية مدى الحياة بإذن الله؟
بعد أن تكتب كلّ شيء لمدة أسبوع، ابدأ في التحليل وستستنتج مثلا أنّ الطريق إلى العمل يحتاج منك (30) دقيقة، وقد تلاحظ مثلا بأنّ يوم السبت قد يأخذ منك أكثر بـ (5 – 10) دقائق، وربما يومي الثلاثاء والأربعاء قد يأخذان منك أقل بـ (5) دقائق، والسبب هو أنّ الناس يوم السبت عادة يصحون متأخّرين ويكونون متعوّدين على عطلة نهاية الأسبوع؛ وعليه فإنّك تحتاج مثلا إلى التّبكير يوم السبت (10) دقائق لتفادي الزّحام. وفي الوقت نفسه لا مشكلة في التأخّر (5) دقائق في الخروج من المنزل يوم الأربعاء. وكذلك الحال، ستعرف أنّك تقضي كلّ يوم نصف ساعة ذهابا ومثلها إيابا مثلا في السيارة، فلماذا لا تستغلّ ذلك الوقت بتعلّم لغة جديدة عبر التسجيلات أو تسمع كتابا صوتيا؟ وبذلك تُنهي كتابا كلّ أسبوع تقريبا فقط في السيارة وذلك في رحلة الذهاب والإياب من الدّوام فقط، فماذا عن باقي الأوقات التي تقضيها في السيارة؟
كذلك في حال لو احتجت مثلا إلى (6) دقائق لتلميع حذائك (كرّم الله القارئ)، فهل فعلا يحتاج إلى كلّ هذا الوقت؟ فعليك هنا أن تعيد التفكير في الموضوع، إمّا باستخدام أداة تلميع أسرع أو تزيد مهارتك في التلميع، أو تلمّعها في المساء أثناء مشاهدة الأخبار بما أنّ أكثرها جزم (كرّم الله القارئ) أو تلغي التلميع من أساسه. وفي حال استيقاظك يوما ما متأخّرا بخمس دقائق، فلا تلمّع حذاءك وتكون بذلك قد كسبت تلك الدقائق وبالتالي لا تكون متأخرا.
بنفس الطريقة تابع كلّ دقائق حياتك اليومية وكيف تقضي وقتك بالعمل وستكتشف أشياء غريبة وعجيبة عن نفسك لم تكن تعرفها سابقا، وكذلك ستعرف ما هي الأشياء التي تضيّع وقتك فيها، وكيف تستطيع أن توفّر الوقت، وكيف تستثمره بشكل أفضل، وكلّ هذا بمجرد قياس أسبوع واحد، ففكّر مرّة أخرى هل أنت مستعد للقيام بذلك؟
هل يكفي أسبوع؟
الأسبوع هو الأساس العادي للحياة الطبيعية، ولكن دائما هناك أشياء جديدة قد لا تقوم بها إلا كلّ بضعة أشهر أو كلّ سنة مرّة. وأعتقد أنّك إن طوّرت مهارة الملاحظة فإنّك ستقوم بملاحظة الوقت الذي استغرقته لهذه الأشياء النادرة وستحلّلها وتخرج بنتيجة أخرى، فعلى سبيل المثال لا تقم بزيارة فروع البنوك أوّل الشهر الميلادي، كما أنّه من النّادر أن تجد مبالغ مالية في أجهزة الصرّاف الآلي في يوم (25) من كل شهر هجري، لأنّ الرواتب الحكومية تنزل في ذلك اليوم والجميع يتسابق لسحبه من الأجهزة وكأنّه سيختفي! وكذلك الحال مثلا في زيارة دولة ما في الصيف أو الربيع أو الشتاء، وكيف يكون الزحام والأسعار وكلّ هذه الأمور يمكن تسجيلها، بالإضافة إلى الوقت المستغرق لتعرف كيفيّة استغلال وقتك بفاعليّة عند الزيارة التالية لهذا المكان.
الأسبوع هو الأساس العادي للحياة الطبيعية، ولكن دائما هناك أشياء جديدة قد لا تقوم بها إلا كلّ بضعة أشهر أو كلّ سنة مرّة. وأعتقد أنّك إن طوّرت مهارة الملاحظة فإنّك ستقوم بملاحظة الوقت الذي استغرقته لهذه الأشياء النادرة وستحلّلها وتخرج بنتيجة أخرى، فعلى سبيل المثال لا تقم بزيارة فروع البنوك أوّل الشهر الميلادي، كما أنّه من النّادر أن تجد مبالغ مالية في أجهزة الصرّاف الآلي في يوم (25) من كل شهر هجري، لأنّ الرواتب الحكومية تنزل في ذلك اليوم والجميع يتسابق لسحبه من الأجهزة وكأنّه سيختفي! وكذلك الحال مثلا في زيارة دولة ما في الصيف أو الربيع أو الشتاء، وكيف يكون الزحام والأسعار وكلّ هذه الأمور يمكن تسجيلها، بالإضافة إلى الوقت المستغرق لتعرف كيفيّة استغلال وقتك بفاعليّة عند الزيارة التالية لهذا المكان.
من الأدوات الإلكترونية الرائعة والتي تتوفّر بنسخة مجانية مصغّرة وتكفي في البداية لتتعرّف على نفسك ونشاطاتك أداة اسمها (rescue time) أي (أنقذ الوقت)، وقد قمتُ بتجربتها منذ بدايتها المتواضعة ولكنّها أصبحت رائعة مع مرور الوقت خصوصا بعد توفّر النسخة المدفوعة، والتي بالتأكيد دعمت التطوير المستمر لها. وما سأتكلّم عنه الآن هو النسخة المجانية لأنّي لم أجرّب المدفوعة وأعتقد أنّي لست بحاجة إليها حتى الآن، ويمكنك التسجيل في الأداة عبر الوصلة التالية (اضغط هنا).
قبل أن أخبرك من أين يمكنك الحصول عليها دعني أخبرك القليل عنها؛ ففي البداية لا بدّ أن تعرف أنّ هذه الأداة لا تغنيك عن التمرين السابق (التسجيل والملاحظة لمدّة أسبوع بل هي مكمّلة له ولا بدّ أن تبدأ في الكتابة أوّلاً قبل استخدام هذه الأداة. كما أنّها لا تساعدك إلا في حال كان معظم عملك على الكمبيوتر مثلي : )- فهي تقوم بإحصاء ما تقوم به والبرامج التي استخدمتها والمواقع التي زرتها، وتقوم بتصنيفها ضمن مواقع وأعمال مضيّعة للوقت وأخرى منتجة مثل: (الشبكات الاجتماعية – البريد الإلكتروني - الأخبار)، كما يمكنك أن توقف العدّاد لوقت محدّد مثلا للاستراحة أو إيقافه لليوم التالي مثلا في ساعات الدّوام، وأيضا توفّر رسالة طريفة تسألك ما الذي كنتَ تضيّع وقتك فيه في حال لم تكن تعمل شيئا لمدّة معيّنة.
من بين الأشياء الجميلة الإحصاءات التي يُخرِجها الموقع وأهمّها ترتيبك في الإنتاجيّة بين متوسّط الناس، فمثلا كانت إنتاجيّتي ضمن (20%) من أكثر الناس إنتاجيّة وأحاول جاهدا أن أتنافس مع نفسي لأكون ضمن (10%). ومن الأشياء الجميلة أيضا هي أنّك تستطيع بناء مشروع ووضع الكلمات المفتاحية الخاصّة بالمشروع وعندها سوف يحاول البرنامج بذكاء محدود أن يعرف أنّك ما زلت تعمل ضمن هذا المشروع حتى لو تعدّدت التطبيقات التي استخدمتها مثلا أو في حال زرت الإنترنت للبحث عن مراجع لها؛ وبهذا فإنّه يساعدك في حساب الوقت الذي استغرقته لكلّ مشروع بشكل كامل.
للحصول على الأداة من موقعها على الإنترنت، يرجى زيارة الموقع التالي (rescuetime.com)، كما أنصحكم أن تزوروا مقالي القديم (كيف تضع سعرا لعملك أو برنامجك أو تصميمك) والذي يعدّ مكمّلا لهذا الموضوع؛ حيث إنّه بعد إحساسك بالوقت فستعلم الوقت الذي تحتاجه لإنهاء أيّ مشروع وعليه يمكنك وضع سعر عادل بناءً على المعادلات في ذلك الموضوع.
أتمنى أن يكون المقال قد أمتعكم وأفادكم، وأنتظر منكم مداخلاتكم وطرقكم التي تساعد على زيادة الإنتاجية فأنا بحاجة لأفكار جديدة منكم كالعادة : )