المراقب لما يحدث من طفرة في عالم الذكاء الاصطناعي خصوصا مع انتشار النموذج اللغوي (ChatGPT) والأدوات التي بُنِيَت عليه أو على خدمات أخرى قد يُوَلِّد لدى البعض شعورا بالخوف من المستقبل. وبعيدا عن المبالغات فإنّ ما يحدث مبهر ولكنّه ليس نتاج اليوم فقط؛ بل إنّ ما قامت به OpenAI هو تسريع ظهورها مثل الكثير من الاكتشافات والتقنيات التي تحتفظ بها الشركات للمستقبل أو تستخدمها للتفوّق على منافسيها.
أدوات وخدمات الذكاء الاصطناعي ما زالت في بدايتها ولكنّها بهذه المقدرة تقوم بأتمتة وتسريع الكثير من الأعمال كما فعلت المصانع والروبوتات وغيرها في كل دورة من دورات التطوّر الطبيعي.
هل استبدلت الروبوتات العاملين في المصانع؟ نعم, فيمكن حاليا تشغيل مصنع كامل لإنتاج السيارات بعامل واحد فقط بينما كان ذلك يتطلّب آلاف العاملين قبل سبعين سنة لإنتاج سيارة بمواصفات وجودة أقل.
هل جلس هؤلاء العاملون دون عمل؟ فعليا ربما البعض ولكن لا ننسى أنّه ومنذ سبعين سنة كان تعداد السكان في العالم فقط (2 مليار) واليوم نحن (8 مليار) أي أنّ عدد البشرية تضاعف 4 مرات. ومع وجود كلّ هذه الأتمتة فإنّ نسب البطالة تُقدّر بأقل من (10٪) فقط وهذا يعني أنّ هناك وظائف جديدة قد خُلِقت، بل وهناك المزيد من الحاجة إلى الأيدي العاملة الماهرة.
السؤال المهمّ هل سيستبدلني الذكاء الاصطناعي؟
نعم، في حال تحقّق أحد الشرطين التاليين:
الشرط الأول: هل عملك يمكن أتمتته بشكل كامل؟ إن كان الجواب هو نعم فتعلّم مهارات جديدة لكي يكون لك مكان في هذا العالم.
الشرط الثاني: هل عملك يمكن تعزيزه ورفع الإنتاجية فيه باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ إن كان الجواب بنعم فالخيار بين يديك، فإمّا أن يأتي شخص أقل موهبة وخبرة منك ويملك مهارة استخدام هذه الأدوات ويقوم باستبدالك، أو تقوم أنت بالسبق بتعلّم هذه الأدوات وتعزيز إنتاجيتك وبذلك لا يمكن استبدالك.
مثال للتفكّر
ما هو الفرق بين السفر بالحافلة أو بالطائرة من الرياض إلى مكة المكرمة؟
الحافلة تُدار من قِبل شخص واحد ولكنه يبذل مجهودا ووقتا أكبر، ودخله المادي ومكانته الاجتماعية أقل من كابتن الطائرة الذي يقود عدد ساعات أقل وبمساعدة آلية، وبمجهود أقل وطاقم كبير من المساعدين، فكّر فيها قليلا وطبّقها على وظيفتك. وبما أنّ مكة لا يوجد فيها مطار فسوف تضطر إلى النزول في مطار مدينة جدّة ومن ثمّ تستخدم الحافلة للوصول إلى مكة. والشاهد هنا بأنّه لا يمكن الاستبدال الكامل بل يمكن أتمتة واستبدال البعض أو الكثير من الأعمال فقط.
رسالة إلى كلّ الموظفين لدينا
هذه الرسالة قمت بإرسالها إلى الموظفين لتشجيعهم على تبنّي استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي:
" السلام عليكم
أودّ أن أشارك معكم اليوم موضوعا هامّا جدا وسوف يؤثر على وظائفكم وإنتاجياتكم بشكل إيجابي، فأرجو إعطاءه الأهمية والانتباه الكامل. جميعنا شاهد أو جرّب أو سمع عن أحد أدوات أو خدمات الذكاء الاصطناعي خلال الفترة السابقة، بعضنا متفاجئ ومبهور، والبعض الآخر متخوّف ممّا يحدث، وطبعا هناك من لم يحاول أصلا لكونه مقتنعا بأنّ ما يحدث هو مجرد فقاعة. عن نفسي فأنا أعتقد بأنّ ما يحدث جيد ومبهر ولكن هناك مبالغات من البعض في وصفه.
الخلاصة والقناعة التي توصّلت إليها ممّا أراه يوميا وأستكشفه بأنّ هناك مجالا لزيادة الإنتاجية على جميع الأصعدة والمهام اليومية لكل شخص في فريق العمل، بالتأكيد لن يقوم الذكاء الاصطناعي باستبدالكم، ولكن وجود موظف بمهارة أقل منكم مع إتقانه لأدوات الذكاء الاصطناعي قد يستبدلكم! وبناءً على ذلك فالمعادلة بسيطة وعليكم تعزيز مهاراتكم وزيادة إنتاجياتكم لتكون هناك فروق واضحة بين شخص يملك المهارة والخبرة ومتمكّن من الأدوات التي تعزّز ذلك بشكل مضاعف.
ولكيلا أطيل عليكم أكثر، هناك واجب على كلّ موظف بأن يقوم باستكشاف الأدوات الجديدة التي تمسّ مهامه وأعماله ويكون هذا كجزء من مهامه الأسبوعية، حيث يقوم بتوظيف هذه الأدوات لزيادة وتعزيز الإنتاجية لديه.
وكنوع من المشاركة، فالمطلوب من كل شخص أن يشاركنا بأداة أو خدمة قام بتجربتها واستفاد منها في عمله أسبوعيا مع كتابة تجربته الخاصة.
تلميح: يمكن البدء من هذا الدليل المفهرس لهذه الأدوات والخدمات
انتهى "